علي سندة
يأفل نجم العام الخامس على ثورة السوريين، والثوَّار يجدِّدون العهد الذي طالما ردَّدوه في ثورتهم، وقطعوه على أنفسهم أمام مرأى العالم أجمع منذ اندلاع الثورة.
خمس سنوات تستمر فيها المماطلات والوعود الكاذبة في دهاليز السياسة، لكسر شوكة الثورة وترجُّلها عمَّا خرجت من أجله، بغية لملمة شتات العهد الأسدي مرة أخرى، بعد أن ولَّى وانكسر مجرجرا ذيل هزيمته وخذلانه.
إنَّ احتفاليات الثورة التي باتت تقام كلَّما انصرم عام وجاء آخر، وأهل سورية يخوضون غمار ثورتهم، ماهي إلا رسائل سلام ومحبة للعالم أجمع، تحكي طيبة ذلك الشعب وتسامحه، تُسمِع الطغاة زئيره عند الغضب، تستلهم من دماء الشهداء التي سالت أنهاراً المضي قدمًا حتَّى تحقيق الوعد الإلهي بالنصر، .. تُمسك البوصلة من جديد مُتوجهةً نحو الهدف نفسه الذي خرجت من أجله، نحو سورية الحرة التي كانت ومازالت بأغلبيتها حاويةً كلَّ الأديان والأعراق والطوائف، قائلةً للجلاد: لن نحيد عن وحدتنا التي طالما سعيت وتسعى إلى تمزيقها، ولن نتراجع عن هدفنا المنشود.
لقد أثبت التاريخ على مرِّ عصوره أنَّ الشعب هو الباقي، وأنَّ المتجبرين والقاهرين لإرادة شعوبهم أكلهم الزمن، وعاقبهم الله بمثل ما جاؤوا به، بل وأصبحوا عبرةً لأمثالهم، وإنَّ ثنائية الظالم والمظلوم تجدِّد نفسها عبر التاريخ، وقد حطَّت رحالها على أرض سورية منذ وصول الطغمة الفاجرة إلى سدة الحكم في سورية، بيد أنَّ الظالم هذه المرَّة تحدَّى كل الذين سبقوه في الإجرام ونافسهم على دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية في قهر الشعوب، لأنَّ المظلوم شعب ليس كباقي الشعوب، فهو من تكسَّرت على شطآنه أعتى أمواج الظالمين من قبل، إنَّه شعب سورية الذي ما فتئ يقارع قاتلاً سخَّر كل سني حكمه لفصل السوريين عن محيطهم والعالم، فشيء طبيعي أن يكون طاغية العصر على هذا النحو من فن القتل والتعذيب والتهجير، لأنه يجاري شعباً ما شهد له التاريخ قط بالهزيمة أمام سعيه نحو إرادته.
إنَّ إحياء ذكرى قيام الثورة في خضمِّ صراعها، ليست للاعتياد على الاحتفال بالتزيين ودق الطبول، والتباهي أمام كميرات الإعلام، إنَّما هي تجديد للإرادة في نيل الحرية وبناء سورية المستقبل، وعليه خرج السوريون في عامهم الخامس من الثورة، ليقولوا للعالم كله: سنستمر ونستمر …