بقلم مياس بحرو
إنَّ عمل المرأة يقصد به خروجها إلى ميدان العمل خارج نطاق منزلها سواء متزوجة أم غير متزوجة، وعمل المرأة الذي يدور الجدل حوله جاء من باب حرية المرأة، وهي صرخات أو نداءات انطلقت في بداية القرن المنصرم، وكان روادها علمانيون عرب بعد مرحلة ما يسمى دخول العلمانية للمجتمعات العربية.
عمل المرأة حق شرعي لها مع الأخذ بعين الاعتبار ماهية هذا العمل، فالقوانين العربية والقانون السوري مثلا نصَّ على أنه يحق للمرأة العمل بكافة الأعمال التي توافق طبيعتها، فمثلا لا يجوز عمل المرأة في المحاجر والكسارات أو أعمال البناء والمناجم التي يمكن فيها التعرض لإشعاعات كالإشعاعات النووية أو فوق الحمراء التي من الممكن أن تؤثر على الأجنة عندها، مما يؤدي إلى تشوه الجنين.
من أهم ما يجب مراعاته في عمل المرأة طبيعة المجتمع، ففي بعض المجتمعات يرفض البعض الزواج من المرأة الموظفة باعتبارها خرجت عن الطور والعادة، ولذلك يمكن ملاحظة ازدياد نسبة العوانس بين صفوف النساء العاملات أكثر ممَّا هو بين النساء اللواتي لا يخرجن للعمل.
عمل المرأة حق لها حتى في الدين، حيث سمح لها الإسلام _ وهو مرجعيتنا _ بالخروج إلى المعركة للقيام بعمل تمريضي، وقد تعدت بعض النساء في المجتمع الإسلامي الأول العمل التمريضي إلى خروج عسكري من أمثالهن: خولة بنت الأزور، وكذلك التعليم والتدريس، ويقال إنَّه كان للسيدة عائشة زوج رسول الله مجلس علمي، وكذلك نساء أخريات في الإسلام.
حتى في المجتمعات النامية أو المحافظة وجد المجتمع الرجالي نفسه في مأزق كبير، فالرجل يرفض خروج المرأة لميدان العمل، فيجد نفسه أمام مأزق من خروج زوجته أو ابنته لشراء ملابسها التي تضطر المرأة في هذه المجتمعات إلى التعامل مع رجال في محلات البيع، وكذلك في ميدان المعاملات الأخرى كالمعاملات الشخصية في دوائر الأحوال المدنية الحكومية، ولا يكون البديل الحقيقي إلا بخروج الأنثى للعمل في التجارة والدوائر الحكومية لتحقيق نوع من التوازن للحفاظ على شكلية المجتمع المحافظ.
لم يعد هناك مجال للقول إنَّ عمل المرأة لا يزال في طور البحث، فإنَّ الواقع يثبت نفسه، والمرأة حول العالم كله استطاعت أن تثبت نفسها، وعلينا أن نؤمن بهذا الشيء وألا نبقى ضمن إطار هل نسمح لها بالعمل أم لا… فقد سمحت المرأة لنفسها بالعمل، وقد عملت بالفعل ومن لا يزال يبحث في هذا الموضوع، فأعتقد أنه لا يزال في طور عقلية القرون الوسطى، وبحاجة إلى عمل تحديث لمجتمعه وعقليته