“وفاةٌ طبيعية” هكذا سمَّاها نظام الأسد، فيما أطلق عليها ناشطون “تصفية المعتقلين وتبييض السجون”.
أربعة آلاف سوري فقدوا أرواحهم في معتقلات النظام وسجونه منهم من قضى تحت التعذيب ومنهم من تم إعدامه في سجن صيدنايا الذي تعددت أسماؤه وكان ألطفها “المسلخ البشري”.
بمخالفة صارخة للقوانين الدولية يقوم النظام السوري بإعلان وفاتهم دون تقارير طبية أو شهادات وفاة حقيقية تبين سبب الوفاة وتاريخه أو حتى مكانه.
كل ما هو مسموح لأهالي المعتقلين معرفته هو أن أبناءهم وذويهم قد ماتوا وأن أي تأخير في التوقيع على شهادة الموت الأسود في السجون سيلزمهم بدفع غرامة مالية قد تصل إلى مبلغ ثلاثمئة دولار أمريكي تطبيقاً للمثل القائل (فوق الموتة عصة قبر).
إسلام الدباس أحد المعتقلين الذين تم اعتقالهم في مظاهرة عام 2011م.
لم يشفع له الورد والماء الذي كان يقدمه لجنود النظام خلال المظاهرات، بل زادهم حقداً عليه وعلى رفاقه، فتمت تصفيته في سجن صيدنايا في ذكرى الثورة عام 2013 ليتم الإفصاح عن موته عام 2018م.
إسلام كان واحداً من بين ألف شهيد من داريا التي حازت الحصة الأكبر من ضحايا السجون ومجازر النظام، يليها حلب بخمسمئة وخمسين شهيداً تم أيضاً تسلم أسمائهم للسجل المدني فيها.
عهد التميمي وأربعة آلاف شهيد!
تزامناً مع إطلاق النظام سراح أسماء شهداء السجون! قامت دولة الاحتلال الصهيوني بالإفراج عن عهد التميمي التي اعتُقلت منذ شهور.
عهد التي تمَّ اعتقالها واقتيادها إلى السجن على خلفية صفعها لأحد جنود الاحتلال وتوجيهها كلمات قاسية له، سُمِح لوالدها بزيارتها في السجن خلال شهور احتجازها المعدودة، وتم الإفراج عنها وقد ازداد وزنها أكثر من 5 كيلو غرام!
بالمقابل من يقدم الورود ويخرج في مظاهرات سلمية في الجامعة أو في الأحياء الشعبية دون أن يتعرض لأي جندي من جنود الأسد يتم سجنه وسحله وتجويعه ليصبح هيكلاً عظمياً قبل أن يصدر قرار إعدامه دون محاكمة ولو حتى ميدانية!
جريمة ثنائية
من يتابع وسائل الإعلام يجد أن خبر ضحايا السجون مرّ هادئ مقارنة بالضجيج الإعلامي المثير على حادثة الإفراج عن عهد.
ليس انتقاصاً من مقدار تضحيتها وأهمية قضيتها، لكن هل حقاً أصبح الدم السوري رخيصاً إلى هذا الحد؟!
هل علينا حقاً أن نقيد حدود أولوياتنا واهتمامنا لما توليه لنا وسائل الإعلام؟!
جريمة ثنائية يرتكبها الإعلام والناشطون بحق الإنسانية والثورة والقضية الفلسطينية، فهم علموا أم لم يعلموا يعيدون تلميع المحتل الصهيوني بالتركيز على إفراجه عن عهد ويصورونه حمامة سلام وسفير محبة، وبالمقابل يهملون الحديث عن ضحايا السجون السورية ليمر خبرها سريعاً هادئاً ويقدمون خدمة حقيقية لنظام الأسد بإغلاق ملف المعتقلين.
في سجون النظام، وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أكثر من مئتي ألف معتقل سوري تأتي حلب في المقدمة من حيث أعداد المعتقلين بـنحو أربعين ألفاً تليها حمص بأكثر من خمسة وثلاثين ألفاً ثم ريف دمشق بحوالي ثلاثين ألفاً، فحماة وإدلب بأكثر من عشرين ألفاً، ومن بين المعتقلين تسعة آلاف معتقل دون سن الثامنة عشرة، وحوالي أربعة آلاف وخمسمئة امرأة.
مئتا ألف معتقل، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، لكن إلى متى سينتظر وماذا سينتظر؟