إسلام سليمان |
مشاعر مضطربة وذهنٌ مشتت.. أفكار مبعثرة تحاول جاهدةً استجماع بعضها الآخر.. تشوشٌ مزعج يعوق مواصلة الحياة بثقة وعزيمة قوية.. كل هذا وأكثر يجعلك تنسل خفية إلى قوقعتك حيث العزلة والتهرب من أداء الأمانة الموكلة إليك.. وحيث الظلام والأسى والخوف الذي يحاصرك من كل جانب..
مشاكل عدة تعترض طريقك، كصفعاتٍ مؤلمة على وجهك، لتوقظك من غفلتك، وتصقل قدراتك على مواجهة الحياة بحيث تجعلك أكثر صلابة من ذي قبل.. ولكن بعض الصفعات لا يزول أثرها بسرعة، بل تبقى حبيسة أفكارك، حيث تدفعك إلى التساؤل والاستفسار والتمحيص أيضاً وبجهد ليس بالكثير منك عن الأسباب التي أدت إلى ظهور المشكلة، حيث سيتبين لك أين ارتكبت حماقتك كالمعتاد.. الخطأ الذي كنت تعاود تكراره المرة تلو الأخرى، بحيث ستعترف بينك وبين نفسك أنك استحققت صفعة كهذه، لأنك لم تغير ما بنفسك من عيب حتى يتغير الوضع من حولك، كل هذه المشاعر والأفكار المتضاربة تحصل وأنت في قوقعتك المقيتة.. التي تحاول أن ترديك قتيلاً ضحية صراعك هذا..
أحياناً يدفعنا البعض إلى التقوقع على ذواتنا.. بغبائهم أو خبثهم ربما.. يتركون فينا أثراً سيئاً يأخذ ربما الكثير من أوقاتنا كي نتعافى منهم.. إنهم حفنة من البشر الذين عملهم في هذه الحياة أن يتركوا نقطة سوداء في الآخرين تذكرهم بمدى رداءتهم.. هم موجودون في كل مكان وزمان.. يرسلهم الله في طريقنا ليبلونا أينا أكثر صبراً وأحسن تصرفاً في مواجهتهم..
صوت يحيطك من كل جانب، لا تفقه له مصدراً.. يحثّك على كسر قوقعتك الوهمية التي بنيتها بنفسك، يؤنبك على تقاعسك عن العمل والجهاد، ويذكرك بأنك لست أول من تواجهه نكبة أو خيبة أو حتى صدمة في هذه الحياة، يدفعك للخروج من عزلتك الكئيبة هذه.. فلن تُحل مشاكلك بابتعادك عنها وبهروبك إلى العزلة، فالعزلة ليست هي وسيلة النجاة الوحيدة من معمعان المعارك الصغيرة كما قال أحد الكتّاب مرة.. فالمعارك لا تُكسب إلا بالمواجهة بكل ما أوتي الإنسان من علم وقوة، وليس بالفرار الدائم.
ولا مكان للاستكانة واليأس والتراجع بيننا نحن المؤمنين، فالعمل كثير والوقت قصير.. وما يتوقعه إلهنا منا كخلفائه على هذه الأرض ليس بالقليل..