إسلام سليمان
أحاول دائما أن أفهم لماذا نظهر التسامح لغير المسلمين أكثر من إظهاره للمسلمين ممَّن هم أمثالنا؟!
الاستهزاء والسخرية والتكفير لأي فكر جديد، أو لأي نظرية أو دراسة جديدة بات أمرا طبيعيا اعتاد عليه الجميع للأسف..
أين حرية الرأي والتعبير؟ أين حرية الاعتقاد والاجتهاد؟ أم هو أمر حلال لغير المسلمين، فهم أحرار سواء آمنوا أم لم يؤمنوا، وأحرار بدراساتهم وفكرهم، أمَّا بالنسبة إلينا كمسلمين وبين بعضنا فهذا ذنب عظيم!!
إن شئت خذ بآراء المجتهدين والمفكرين والعلماء، وإن شئت اضرب بها عرض الحائط.. وإن كنت تريد نقده، فانقده نقدا موضوعيا بعيدا عن التجريح والتكفير.. على الأقل احتراما للجهود التي يصرفها هؤلاء الأشخاص للوصول إلى نظريات وأفكار جديدة ربَّما لن تكون مهمة أو مفيدة بالنسبة إليك، لكنَّها بالتأكيد ستكون ضآلة شخص آخر..
اتركوا للناس حرية الاعتقاد والبحث، إن يكن صادقا فجزاه الله خيرا، وإن يكُ كاذبا فعليه كذبه..
إن كانت آراء بعض الأشخاص تزعجك فببساطة لا تستمع إليهم، وفي الوقت نفسه لا تقم بنشر آراء تابعة لهم ملحقا إياها باستهزاءات وتجريح للشخص أكثر من رأيه..
ستقول لي: من واجبنا تحذير الناس من هذه الشخصيات التي تشوه الدين! أقول لك: أرح نفسك، فالحمد لله أنَّه وهبنا عقلا نميز به الحق من الباطل.. لأنَّك بفعلك هذا تشوه الدين..
وإن كنت مصرّا على نقده فليكن لديك دليلك القوي لتثبت بطلان رأيه كما تدعي!
نحن فقط نحسن التنظير والنقد السلبي لأشخاص على الأقل لم يجلسوا مكتوفي الأيدي، بل حاولوا وما زالوا يحاولون الوصول إلى كل فكر جديد يخدم الدين..
دين الإسلام ليس حكرا على أحد، والاجتهاد والبحث أيضا كذلك.
وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام مليئة بالأحداث التي تعلمنا بأنَّ الاجتهاد وحرية الرأي من أساسيات دين الإسلام..
كون أحد العلماء أبدى رأيه سواء أكان إيجابيا أو سلبيا بشخص ما فهذا لا يعني أنَّه على حقّ، ميزك الله بأنَّ لك عقلا تميز به الكلام السليم من غيره.. ومن المواقف المميزة في سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حول هذا الأمر هو موقف الطفيل بن عمرو الدوسي، حيث كان المشركون مشغولين بترويج التهم عن الرسول كي لا يستمع إليه أحد.. ربَّما نجحوا مع البعض، لكن ليس مع الطفيل، جملته الشهيرة يجب أن تُحفر في عقل كلِّ شخص منَّا عندما نريد أن نستمع إلى شخص أتى بفكر جديد أو رُوِّجت التهم ضده، قال: (وَاثكل أمي.. والله إنِّي لرجل لبيب شاعر، لا يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من الرجل ما يقول، فإن كان الذي يأتي به حسن قبلته، وإن كان قبيحا رفضته).
إلا إذا كنَّا لا نثق بأنفسنا وبأنَّنا أصحاب عقل سليم فهذا أمر آخر..
وفي النهاية جميعنا بشر وكلنا نخطئ.. لكن هذا لا يعني أن نتوقف عن المحاولة..
وأختم قولي بمقولة الإمام الشافعي الشهيرة:
رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.