جيهان سيد عيسى |
حالت كورونا وقوانين فرض الإقامة المنزلية االتي فرضتها الحكومة التركية على الأطفال دون ذهابهم للحدائق كعادتهم كل عام يوم (23 نيسان) حيث تقام المهرجانات في تركيا في هذا اليوم تحديدًا؛ احتفالاً بعيد الطفل الذي استحق أن يُخصَّص له يوم من السنة؛ ليكون عيداً يُحتفل به فيه؛ مادام هو أمل هذه الأمة ومستقبلها، فالأتراك حين يحتفلون بالطفل يدركون تمامًا أنهم يحتفلون بمستقبل بلادهم، لكن كورونا وقوانين الحظر لم تستطع أن تمنع العيد من القدوم إلى الأطفال في منازلهم، إذ خصصت الحكومة الباصات المزينة التي تدور شوارع المدن طوال اليوم تحيي الاطفال ببوالين يرفعها لهم شبان ينزلون من الباصات ويلوحون بها عند كل شرفة يطل منها طفل فيبادلهم التحية بالتصفيق ورفع الأعلام، يبتسم الأطفال له فيشكرهم بقبلات عبر الهواء، لم يبقَ طفل في تركيا لم تُلقَ عليه التحية طوال اليوم.
وعند تمام التاسعة مساء ذلك اليوم، وبطلب من رئيس الجمهورية، خرج الأتراك للشرفات يحيون علمهم المنطلق نشيده من كل البيوت التركية، واشتعلت أنوار المنازل وأُطفِئت عدة مرات مع تصفيق ومفرقعات نارية زينت سماء المدن والولايات.
فرح الأطفال الأتراك وهللوا وناموا ليلتهم يحلمون بغد جميل كجمال يومهم هذا، ماعدا الأطفال السوريين المقيمين في تلك المدن، حيث شاركوا إخوانهم من الأطفال الأتراك فرحهم ثم ذهبوا لأَسرتهم بأسئلتهم التي نامت معهم بلا أجوبة تغطيها، إذ أثار هذا اليوم كل مايجول في خواطرهم من مفاهيم غامضة بين مايعيشون من واقع حر وأمن وكرامة، وبين ما يُحكى لهم عن وطن ينتمون إليه يدعى سورية، ومن المفاهيم والمناسبات عيد الطفل هذا العام وتلك اللحظة التي وقف فيها الأتراك يحيون علمهم ويلوحون به، والسوريون يبكون بدموع انهمرت فجأة في لحظة واحدة لم يتوقعوها، يبكون علمهم الذي ما ارتفع حتى وُئِد، و وطنا ما إن اكتشفوه حتى فقدوه، وحدتهم الذكريات المنهالة كقذائف وجع باتجاه الذاكرة وأسئلة أطفالهم المتراشقة باتجاههم برصاص القهر ليكتشفوا أن عدوى الوطن قد أصابت الأطفال وبدات أعراضه تظهر عليهم رغم حظرهم عن زيارته ورؤيته، فبعضهم مازال يحمل ملامح غيمتها السنون حتى تماهت مع الخيال وبعضهم خلت ذاكرته من ملامحه فقد ولد ونشأ خارج حدوده فالوطن فقط الموت الذي تنقله نشرات الأخبار وحكايات الأهل عند اجتماعهم.
ابني أنس المولود في تركيا صاغت سنوات عمره الخمس سؤالاً في تلك اللحظة: “ماما لمَّا كنتِ ( çocuk) يعني طفلة، كانوا يجوا لعندكم بعيد الأطفال تحت البلكون ناس شايلين بوالين يرقصوا ويحتفلوا ويحيوك متلي؟” لم أجد جوابًا سوى: آآآه بدأت بضحكة، وانتهت بدمعة لم أستطع مداراتها، وقال: “يعني هلأ الأطفال بسورية ماعميحتفلوا؟! ثم تابع: “خلص بس أروح سورية راح أحكي للأطفال عن كل شي هون” وكذلك صديقه (سعد) الذي رأى الوطن وأطفاله في تلك اللحظة وشعر بوجعهم ينتقل إليه رغم مسافة الجغرافيا والمفاهيم، يقول والده: “بعد أن احتفل سعد مع أطفال الجيران الأتراك عبر الشرفة ومع زملائه الأطفال في الروضة التركية عبر الواتس سألني: بابا الأطفال بسورية عم يحتفلوا بعيد الطفل؟ قلت: لا،
فقرر أن يسلم على أطفال سورية بمناسبة يوم الطفل بتركيا بتصويرمقطع فيديو ينقل فيه أحاسيسه لهم
أما زينب الطفلة اللاجئة لتركيا منذ أعوام فمازالت تحمل وطنها في مخيلتها تقول والدتها: ” كانت ساعة حرجة لنا أمام أولادنا، ابنتي زينب رفضت مشاهدة المراسم بكت وقالت: بدي أحتفل بعيد الطفل ببلدنا، ليه ببلدنا يقتلون الأطفال بالكيماوي والبراميل وغير بلدان يحتفلوا فيهم؟
ليه نحن شعب لازم بس ينقتل ؟!”
ذهب عيد الطفل وبقي الوطن يثير أسئلته في كل المناسبات في أذهان الأطفال السوريين المهجرين إلى تركيا، يحاولون أن ينسجوا مع الأيام من خيوط الأجوبة صورةً لوطن سيستعيدون ملامحه في أذهانهم وعلى خريطة العالم يومًا ما.
بتمام التاسعة من مساء اليوم خرج الناس في تركيا إلى الشرفات مع أطفالهم احتفالا بعيد الطفل في تركيا ٢٣ نيسان في أجواء اجتماعية لطيفةسعد الخير وقف يحيي أطفال الجيران من الشرفة ويحتفل مع أصدقائه بالروضة التركية افتراضيا عبر مجموعة الواتس الخاصة بالروضةبعد أن انتهينا سألني: بابا …الأطفال بسورية عم يحتفلوا بعيد الطفل ؟ قلت له: لا فخطرت بباله فكرة انو يسلم على أطفال سورية بمناسبة يوم الطفل بتركيا الفكرة من عنده هو وامو الله يخلي لنا ياهم ..وانا علي التنفيذ
Gepostet von Salman Alabbas am Donnerstag, 23. April 2020