لم اعتقد يوماً أن مناسبة المولد النبوي الشريف التي مرت ذكراها السبت الماضي كانت للاحتفال والتراتيل والأناشيد والمديح وهزِّ الرؤوس .. كانت هذه الأفعال تجعلني في كل عام أصرُّ على أن أتلمّس بعداً جديداً في حياته صلى الله عليه وسلم .. ولا أنكر أن هذا كان مفيداً جدا بالنسبة لي .. فما كان يفعله المجتمع من احتفالات جوفاء، كان يدفعني لمحاولة استخلاص ما هو ذو قيمة في كلّ مرّة .. كحالة من رد الفعل أو الرفض لما يحدث .اليوم أشعر أنّنا بحاجة أكبر لفهم المنهج النبوي، لنجدد مرة أخرى نية الاتباع والاقتداء للشخصية الإسلامية المُثلى عملاً وجهداً وليس قولاً فقط .الثقة بما عند الله هو عنوان هذا اليوم بالنسبة لي، تلك الثقة التي جعلت المؤمنين يعملون بجدٍ وإخلاص وصبر ومصابرة، مصدقين لما جاء به نبيهم “إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا” فلم يدخل اليأس إلى قلوبهم على الرغم مما تعرضوا له من العذاب والشقاء والتهجير، وزادهم ما هم به ثباتاً على منهجهم وبذلاً في سبيله دون أن يدخل الشك إلى قلوبهم، أو يفكروا في الاستسلام للباطل وأهله، لقد كان جهاد ثقة وإيمان بوعد الله ولو بعد حين ـ لقد رأوا حقاً يوم الخندق قصور كسرى وقيصر وآمنوا أنهم سيصلون بمواصلة العمل والجهاد، كما رضي سراقة من قبل بعرض الرجل الهارب الذي وعده بتاج كسرى وسواريه .هذا الإيمان لم يتولد من الفراغ ولا علاقة له بالمعجزات، لقد كان إيماناً بالسعي في مناكبها وبأن الأرض لله يورثها عباده الصالحين ، شرطان هما إذن، العمل والصلاح، لتولد في دواخلنا الثقة بما عند الله ، وأن الله بالغ أمره ، ولن ينفع أو يضر سواه ، وإنما علينا أن نعمل لإعمار الأرض كما خُلقنا خلفاء عليها..ليتم الله نوره بك أو بدونك فاختر أين تكون … ويأتي آخر الحديث “رفعت الأقلام وجفت الصحف” المدير العام / أحمد وديع العبسي