د . عبد السلام {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ .. } [الإسراء: 9]والتعبير بكلمة أقوم يشير إلى وظيفة القرآن وغايته في نهوض الإنسان وقيامه وإرشاده وتوجيهه نحو الطريق الأمثل والأصلح في تحقيق نهضته وتقدمه في الفكر والشعور، والعقيدة والسلوك والاقتصاد والسياسة وجميع شؤون حياته الأخرى. إنَّ هذا القرآن الكريم يقدّم “مشروعًا” أو “منهجًا” لنهضة الإنسان في كلِّ زمانٍ ومكان، هو الأقوم والأصلح لبني البشر، لأنه يتلاءم مع “فطرة الإنسان” وينسجم معها، ولأنَّه أيضًا يملك رصيدًا من “التجربة” أثبتت صدقه وصلاحيّته وقابليّته للتطبيق في واقع الحياة، لأنَّه منهجٌ “واقعيٌّ” ينطلق من الواقع ويتفاعل معه لينهضَ به. وهو منهجٌ “مُيَسَّر” يتفق وقدرات الإنسان وطاقاته، لأنَّ الله يريد اليسر والتيسير بمنهجه لا التشديد والإرهاق )..يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر…( البقرة، ويريد الحياة الطيبة السعيدة للنّاس بهذا القرآن (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) طه.وقيمة الإنسان تكمن في استمداد منهج حياته من ربّه الذي خلقه وصوّره وهو أعلم منه بما يصلح شأنه ويصلح أوضاع حياته، لذلك كان المنهج الربّانيّ في حياة الإنسان أهمَّ من وجوده، لأنَّه يمنح حياته التميّز والقيمة والاعتبار في هذا الوجود الواسع العريض وبدونه يصبح مخلوقًا عاديًّا لا قيمةَ له ولا اعتبار.