أنس إبراهيمقال تعالى {وليَسْتعففِ الذينَ لا يجدونَ نكاحاً حتى يغنيهم اللهُ من فضْلِهِ}لقد طلب الله تعالى في آية سابقة من المجتمع الإسلامي سواءً تمثَّل في أولياء الأمور أو في المجتمع العام، أنْ ينهض بمسألة الأيامى، وأنْ يعينهم على الزواج فإن لم يقم المجتمع بدوره ولم يكن لهؤلاء الأيامى قدرة ذاتية على الزواج فليستعفف كلٌّ منهم حتى يغنيهم الله من فضله، ممَّا يدلّ على أنّ التشريع يبني أحكامه ويراعي الأحوال سواءً أطاعوا جميعًا أم عصوا جميعا.إذاً فالآية توجهنا إلى التسامي بالغريزة الجنسية؛ ونقصد بها ما اصطلح عليه كثيرٌ من علماء النفس بوجوب تعلية هذه الغريزة، وتصعيدها في آفاق عملية وأدبية وغنية نافعة في حالات تعذر الزواج، وقد أمر الرسول بالصوم للعزب بقوله عليه الصلاة والسلام: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنَّه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنَّه له وجاء”، فالصوم يكسر شهوة النفس ويضيِّق عليها مجاري الشهوة، لأنّ هذه الشهوة تقوى بكثرة الغذاء وكيفيته، فكمية الغذاء وكيفيته يزيدان في توليدها، والصوم يضيِّق عليها ذلك فيصير بمنزلة وجاء الفحل، وقلّ من أدمن الصوم إلَّا وماتت شهوته أو ضعفت جداً، فالصوم المشروع هو وقاية وستر، وهو نوع رفع من أنواع التسامي بهذه الغريزة سبق الإسلام إليها.