عبد الملك قرة محمد |
تُعد المعارك التي يشهدها ريف حماة من أقوى المعارك التي خاضها الثوار ضد قوات النظام المدعومة من روسيا وإيران.
وللبحث في تفاصيل المعارك وطبيعة المقاومة والتجهيزات التي تبذلها الفصائل لصد الهجوم وتكبيد العدو خسائر فادحة التقينا بالشيخ (عمر حذيفة) الشرعي العام في الجبهة الوطنية للتحرير.
شيخ عمر بداية نرحب بكم في صحيفة حبر، حبذا لو تحدثنا عن سير العمليات في ريف حماة، كيف ترى تحضيرات الفصائل لمواجهة النظام؟ وبمَ تختلف إدلب عن غيرها من المناطق؟
“أهلا بكم، المعارك في ريف حماة تسير بفضل الله وتوفيقه وفق برنامج ومخطط عسكري ضمن غرف عمليات وتنسيق عالٍ مع كل الفصائل التي تَعد هذه المعركة معركة حاسمة ومفصلية مع قوات النظام والروس والإيرانيين، هي معركة كسر عظم، لذلك فقد أثبت الجيش الحر مع إخوانه في الساحة جهوزيته واستعداده لكل الاحتمالات المفتوحة ولمعركة طويلة الأمد ليمرغ بذلك الجبروت الروسي وينكس أعلامه ويدمر إمبراطوريته الزائفة وهذا ما حصل بفضل الله.”
لاحظنا أن كل الفصائل تقاتل معاً في صورة تعكس الوعي نحو العدو الأول، ما طبيعة هذا التعاون والتنسيق الذي يُعد ربما الأكثر نجاحاً منذ انطلاق الثورة؟
“تجلت القوى الحقيقية لهذه الفصائل بما أبدوه من تعاون وتنسيق في العمل العسكري ضمن خطط واحدة وهدف واحد لا يخرج أحد منهم عن مبادئ الثورة وأهدافها المشروعة في دفع الظلم ودحر الظلّام والطغاة.”
نجد بعض الأصوات تتهم فصيل فيلق الشام بالمشاركة المتواضعة في المعارك كيف تردون على هذه الاتهامات؟
“نعم، ظهرت بعض الأصوات والأبواق المغرضة التي تبغي الفتنة والنيل من فصيل فيلق الشام الذي لا يُنكر بصمته الجهادية في الساحة إلا خبيث حاقد أو عاميٌّ بسيط، وقد يكون ذلك البوق قد لبس لباس الثورة، وهذا الصنف لا يستحق الرد إلا بما نسدُّ به فمه بما يتناسب مع المرحلة حتى يحين وقت محاسبته بإذن الله، أما الصنف الثاني فهم عامة الناس الذين يسألون استفساراً واطمئناناً، ولهم نقول: إن فيلق الشام مكون من مكونات الجبهة الوطنية التي تبلغ أكثر من خمسة عشر فصيلاً يعملون ضمن غرفة عمليات واحدة وبقيادة واحدة وإعلام واحد، وهذا ما كان يريده كلُّ من في الساحة، وقد وصلنا إلى تلك المرحلة بفضل الله التي لا يرفع فيها أي فصيل إلا راية الجبهة الوطنية للتحرير، و باختصار نقول لإخواننا: هوِّنوا عليكم، فإخوانكم في فيلق الشام في الميدان الآن وعلى الجبهات وفي الاقتحامات مع إخوانهم من بقية الفصائل، وهم كما عهدتموهم من قَبل بأماكن رباطهم التي تبلغ أكثر من260 نقطة، فضلاً عن كوادر الاقتحامات والمدفعية ورماة التاو وغيرهم.”
ما هي الأسباب التي أدت إلى خسارة بعض المناطق في ريف حماة؟
“دأب العدو الروسي بخطة خبيثة ليحقق فيها تقدمًا سريعًا، ويعلن نصراً كبيراً بإعلامٍ قوي، بأن دخل من خاصرة ضعيفة بالأصل وساقطة نارياً بعد غزارة وتمهيد صاروخي بجميع أنواع الأسلحة واستخدام سياسة الأرض المحروقة، لكنه تفاجأ بالعكس تماماً، فبعد أن امتص المجاهدون الصدمة ورتبوا صفوفهم صدوا الهجوم، بل قاموا بهجمات عكسية دمرت له عشرات الآليات ومئات الفطائس والآلاف من الجرحى، وهذا الأمر لم يكن يتوقعه رغم الضخ الكبير للمرتزقة والقوة العسكرية الكبيرة التي أضافها إلى المعركة، إلا أنه بعد أن كان مهاجماً أصبح مهزوماً إلى أماكن متأخرة، وبدأ يلملم جراحه ويطلب الهدن مرة بعد مرة، وهذا يدل على مدى خيبة أمله التي عبر عنها في أكثر من تصريح.”
بحكم قربكم من القيادة التركية، كيف تردون على من يروج أن معارك ريف حماة هي مقدمة لسيطرة النظام على مناطق جديدة ضمن صفقة بين روسيا وتركيا التي تأخذ بموجبها تل رفعت لا سيما أنَّا لا حظنا شن تركيا غارات على تل رفعت آخرها أدت إلى مقتل 10 إرهابيين من قسد؟
“تركيا حليف للشعب السوري وللثورة السورية، ولا نشك بنواياها ووقوفها معنا أبداً، وهي دولة كبيرة لها مصالحها الخاصة وهو حق لها، وتعمل ضمن ما يُؤِّمن لها مصالحها، ولكن ليست على حساب مصالحنا نحن السوريين، أما ما يُشاع باتفاق بين تركيا وروسيا يقضي بتسليم مناطق في إدلب وريفها مقابل تل رفعت وريفها هو مجرد أكاذيب لا صحة لها، بل هي لذرء الرماد في العيون، والثوار يخوضون المعارك بكل بسالة ويثخنون في الأعداء ولا يكون لأحد عليهم كلمة، مما يؤكد كذب هذه الادعاءات بوجود مثل تلك الصفقة.”
كيف تقرؤون محاولة روسيا فرض هدنة لأكثر من مرة في ريف حماة؟ وما رأيكم بالهدنة الأخيرة؟
“روسيا معروفة بمكرها، ولو كانت حققت النصر الذي تسعى إليه لما طلبت الهدنة، لكنها هزمت وتحطمت أسطورتها المزيفة وأصبحت بحاجة إلى ترتيب صفوفه
ومرتزقتها بعد أن منيت بالخسارة المادية والبشرية، وقُوبلت الهدنة بالرفض من قِبل المجاهدين، بل بادر عليهم المجاهدون الكرة مرات ومرات، وطلبت الهدنة لكن الثوار هم من يقررون ذلك، وقد قرروا الرفض، وليس لروسيا وإيران والنظام عندنا إلا البندقية، وقرار الحرب والهدن هو قرار أصحاب الأرض والميدان بالدرجة الأولى.”
شائعات كثيرة سمعناها في الأيام الماضية عن تزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات أدت إلى إسقاط طائرة وإصابة أخرى ما مدى صحة هذه الشائعات؟
“بالنسبة إلى ما يُشاع عن تزويد المعارضة بمضاد الطيران فهو كلام فيه مبالغة كبيرة، ولو كان عند المجاهدين عشرة مضادات لكانوا اليوم في منتصف دمشق، وأما عن بعض السلاح الآخر فقد وصلت بعض الأسلحة التي يمكن أن تساعد المجاهدين بدحر الروسي بهمة الشباب أصحاب الإيمان والعزيمة، ومن هنا نطلب من كل دولة شريفة تُؤمن بحقوق الإنسان، ونخص منهم من يسمون أنفسهم بأصدقاء الشعب السوري، أن يمدوا يد العون بالسلاح العسكري النوعي، وسنكون لهم من الشاكرين، وسيكتب لهم التاريخ ذلك وستتحدث الأجيال عن كلٍّ بما فعل وبما قدّم.”
قامت فصائل المعارضة بالهجوم إلى محاور جديدة وسيطرت على مناطق لم تدخلها سابقاً، ما أهمية هذا الهجوم والأفق البعيد له؟ وهل هناك خطط لنقل المعارك نحو مناطق أخرى؟
“في المرحلة الثانية من المعارك مع الروس استطاع المجاهدون أن يسيطروا على مناطق مهمة، وقد استمات الروس لاسترجاعها لكنهم خابوا وخسروا عشرات الآليات ومئات القتلى، وستكون المرحلة الثالثة وما بعدها فيها مفاجآت للروس والنظام ما يجعلهم يندمون على حماقاتهم التي أقدموا عليها فجعلوها مذبحة لمرتزقتهم، و ليس بالضرورة أن يُكشف كل شيء، لكن سيعلن كل شيء في وقته المناسب، وبما يراه من يدير المعركة في غرف العمليات.”
ما موقفكم من مؤتمر سوتشي وقراراته؟ وهل صحيح أنه تم تسليم السلاح الثقيلة على جبهات ريف حلب الغربي؟
“مؤتمر سوتشي محطة لتمرير المراحل خاصة أن الطرف الروسي لم يحترم عهداً ولا ميثاقًا مع الطرف التركي، ونحن في الفصائل نتعامل بما كنا نراه مناسباً للمرحلة التي نمر بها بما لا يتعارض مع ثوابت ثورتنا ولا يُضعف جبهاتنا وبما يُلبي طموحات شعبنا، وأما عمَّا أُشيع عن أنه تم تسليم السلاح الثقيل فهو افتراء وكذب وتلفيق، فلم يُطلب منَّا أصلاً، بل أُعيد انتشاره بما يحفظ للمنطقة أمانها ويضمن لأهلنا استقراراهم، ولن يمنعنا أحد من استخدامه عند الحاجة، وأعتقد أن المعارك الأخيرة أثبتت صحة ما أقول.”
في نهاية اللقاء مع الشيخ (عمر حذيفة) الشرعي العام في الجبهة الوطنية للتحرير نشكره على إجاباته وعلى وقته الذي منحنا إياه في سبيل إزالة الغموض عن بعض الأمور الشائكة حول المعارك الأخيرة والإجابة عن بعض تساؤلات الشارع السوري.