جاد الغيث |
هل واجهت مشكلة يومًا ما بسبب اسمك؟ هل اضطررت لتسمية ابنك على اسم والدك أو ابنتك على اسم أمك؟ هل تتمنى لو أن لك اسمًا آخر؟
أعتقد أن الجواب على الأسئلة السابقة لدى الغالبية العظمى من الناس، سيكون (نعم).
وللأسف ليس لنا الحق في اختيار أسمائنا، ونضطر لتسمية أبنائنا على أسماء آبائنا أو أمهاتنا، تجنبًا لسخطهم، ومجاراة لعادات وتقاليد ميتة.
قواميس اللغات مليئة بالأسماء والمعاني، لكن لماذا تتكرر الأسماء بين البشر وتتشابه إلى درجة الوقوع في مشاكل كبيرة؟! إذ تختلف صورنا وأعمارنا، وتختلف طباعنا وأخلاقنا، وتتشابه أسماؤنا، ولو كان للاسم لسان لتبرأ من ملايين الأشخاص الذين شوهوا معاني أسمائهم، وهنا يصبح الاسم ضحية من يحمله، وقد يحدث العكس!!
حدثني صديقي عن ابنه (أسامة) البالغ من العمر 4 سنوات، لكنه لا يحب اسمه!
حينها خطر لي أن يضاف فقرة جديد لمدونة (حقوق الطفل) تمنح الطفل الحق في تغيير اسمه لاسم آخر يعجبه لاحقًا، وربما موجودة، لكن بكل الأحوال يبدو هذا الطرح مثاليًّا في وقت ضاعت فيه الأسماء الحقيقية، وصار قلة من الناس يعرفون أسماءنا وألقابنا كما هي في بطاقاتنا الشخصية، هل تنكرنا لذواتنا حين اخترنا أسماء وألقاب مستعارة؟!
هل كان الخوف من بطش النظام بأهلنا هو السبب الحقيقي وراء أسمائنا الثورية التي تُخفي وراءها تاريخًا مشرفًا أو مخزيًّا، لا يعرفه أحد غيرنا؟ هل اخترنا أسماء الصحابة لنتشبه بهم، أم كان الاسم مجرد (تقية)؟!
على مدار سنوات الثورة التقيت بأشخاص كثر، لا أعرف عنهم سوى ألقابهم (أبو الفاروق) مثلاً، وحين تتطابق الأسماء يختارون للتمييز بينها ذكر اسم المدينة، (أبو عمر الحلبي، أبو عمر الحمصي) كأننا عدنا بالتاريخ إلى الوراء حيث كان يُكنى علماؤنا وفقهاؤنا بأسماء مدنهم التي ولدوا فيها!
لا مشكلة في ذلك، ولكن سيرة علمائنا مشرفة ناصعة، فماذا أعرف عنكم أيها الثائرون المختبئون خلف أسماء مستعارة لا تشبه أفعالكم؟! أريد أن أعرفكم كما أنتم، ليطمئن قلبي.
تشابه الأسماء أو الخطأ في كتابتها، كان له أثر مزعج في دراستي الجامعية، فقد حصلت على شهادة بكنية لا أحملها، وصديقي حُرم من ثلاث دورات امتحانية بسبب مطابقة اسمه لاسم طالب آخر مُتهم بالغش في الامتحان.
وأحد أقسى وأسوأ صور تشابه الأسماء، ما يحدث حتى الآن من عمليات الاعتقال والتعذيب والقتل في سجون النظام وكل ذلك بحجة تشابه الأسماء وأحيانا الأشكال.
الأسماء التي نصفها بالحيادية التي هي مجرد حروف متصلة مع بعضها البعض، صار لها بُعدًا طائفيًّا مُوجعًا، بعضهم يُذبح بسبب اسمه المكتوب على بطاقته الشخصية، يُذبح لأنه من منطقة أو مدينة مغضوب عليها، وهو يحمل اسمًا طائفيًّا متطرفًا وبشدة، هذا الاسم اللعين يُثير حفيظة طائفة أخرى ذات شوكة وهكذا…!!
ويبقى جمال أسمائنا مرتبطًا بنغمة أصواتنا حين لفظها، فالأسماء حيادية إلى حدٍّ كبير، باستثناء الأسماء التي تحمل معنى سلبيًا، كاسم (عاصي) على سبيل المثال.
غالبًا ما نكره اسمًا ما لارتباطه بشخص سيء أو مجرم حرب، ونحب اسمًا آخر لأن صاحب الاسم شخصية تاريخية إيجابية مشهورة ومؤثرة، أو أديبًا مرموقًا، أو شاعرًا مرهف الإحساس، أو فنانًا ملتزمًا، ومثله بالنسبة إلى أسماء الإناث.
الأهم من كل ما سبق، جمال أخلاقنا الذي ينعكس على أسمائنا، فنحب الشخص لذاته وليس لاسمه، كثيرًا ما سمعت الناس ينتقدون من يحمل اسم (محمد) وهو ذو سلوك سيء، ويقولون بالعامية: “يا حيف على اسم محمد، ضايع فيه”!
هناك من تفتخر أسماؤهم بهم، لقد كانوا منارات أضاءت الحياة والثورة والدرب لمن بعدهم، ولكنهم رحلوا، وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر.