سأرغب دائماً بإعادة ترديد معاني الحرية التي أفهمها، حيث لا يوجد فيها الحياد مطلقاً، وسأرغب بتقديس الانحيازات على أنَّها التعبير الأسمى عن الحرية، ذلك الاتجاه الذي تختاره أنت بملء إرادتك هو الحرية الحقيقية، حيث لا يفرضُ عليك أحدٌ طريقة حريتك، ولا ثقافة التحرر، ولا شكل الاتجاه أو لونه أو (بريستيجاته) المعتادة.
الحياد، ذلك الشيء الذي يدعيه دائماً أكثر الناس تطرفاً، إنَّهم متطرفون بما يكفي نحو هذه الجهة التي يسمونها حياداً، هذه الجهة التي يعرِّفونها بأنَّها تلك التي لا تقع يميناً ولا يساراً، إنَّها على جانب ما لم يحدّدوه بعد، لكنَّها جهةٌ مقيتةٌ من وجهة نظر إنسان حرٍ، لأنَّها جهةٌ تعرفُ الإنسانيةَ وتقيدها، وتعرفُ الحريةَ وتقيدها، وتعرفُ الذوق العام وتقيده، إنَّها أشهرُ كذبةٍ عرفها التاريخ، إنَّها الحيادُ.
الإيديولوجية القاتلة عندما يدّعيها أحدُهم أمام الضحية والجلاد، إنَّها المبدأ الكاذب عندما يدافع أصحابه عن أفكارهم، أوَ ليس الحياد عدم انتماء؟! كيف تدافع عن فكرة تنتمي إليها إذاً؟! أوَ ليس عدم الانتماء فكرة؟! أوَ ليس الانتماء جهة، وعدمه هو جهة أخرى؟!
نحن يا سادة نفهم أنَّ الحرية امتلاك إرادتك بإرادتك، أو أن تتركها بإرادتك، الإرادة الحقةُ هي الحرية الحقةُ، حيث لا يملي عليك أحدهم شيئا مالم تكن مقتنعاً به.
الحرية انحيازك الجميل لمَا تؤمن به دون أن تخشى نظرات الناس وانتقاداتهم، حريتك الجميلة هي انحيازك الجميل، وأي موقف تقوم به فقط لإرضاء الناس والمجتمعات المريضة حولك، هو خطوة باتجاه العبودية.
آمن… فأول خطوات الحرية أن تؤمن بشيء ما بمحض إرادتك… لكي تستطيع التعبير عن حريتك بحق، فالحرية لا تخلق في الفراغ ولا يعبر عنها بالعدم.
المدير العام | أحمد وديع العبسي