بقلم : المحامية سماحهذا هو حال النفاق المؤسساتي والنظمي الذي يعم واقع السوريين، حيث إنَّ مصادر التمويل كريمة جداً إذا ما طُلب منها أن تنفق على مشروع ليُتصدق على السوريين، لكنَّهم عاجزون تماماً إذا تعلق الأمر بأجر عامل سوري سواء كان في الداخل أم الخارج اختار أن يعيش بكرامة ويعمل بدلاً من أن يحتاج للمساعدات التي تُرمى له، فيُدفع له بضع ليرات مقابل أعمال شاقة، كما تعجز مصادر التمويل عن فتح مشاريع لفتح أبواب الرزق للسوريين، فهي بخيلة جداً في هذا المجال.وهي عاجزة تماماً عن تسوية وضع سوري واحد فقدَ كل أوراقه الثبوتية الرسمية ولم يبق له شيء يثبت شخصيته، فالإنسان إذا ما جُرد من كل ما يثبت شخصيته أصبح لا قيمة لوجوده على هذه الأرض، حتى بات السوري ضحية المزورين، وكل ذلك ليصدر ورقة رسمية تعترف بوجوده وإن كانت مزورة، ويقوم بدفع الألوف ليحصل على هكذا ورقة.إنَّ السوريين يقبلون بأقل من الحد الأدنى بأشواط، وبعض أرباب العمل يقول مؤكدا إنَّ السوري يقبل بذلك، ومن هنا أدعو السوريين بعدم القبول بهذه الوظائف والاحتجاج، وأدعو كل بلد أن يراقب كل ما يجري على أرضه من استغلال لأوضاع السوريين لدفعهم للقبول بهذه الأجور غير الإنسانية فهي لا تكفي الغلاء المعيشي الذي يعيشه السوري على الأراضي السورية أو غير السورية.لمَ على السوري الذي خرج من بلده وقد خسر كل ما يملك أن يقبل باستئجار البيوت سياحية التي تستولي على معظم راتبه، وكأنَّه يعمل فقط ليقوم بدفع آجار المنزل، ويتبقى له القليل من النقود لتأمين الطعام، وهكذا كل شهر يحمد الله أنَّه قام بتأمين أجر منزله.في تركيا مثلا الحد الأدنى للأجور وفق خطة 2015 ما يعادل 435 دولار للعامل وفق صحيفة ترك برس، فلمَ على السوري أن يقبل بأقل من ذلك؟ الأمر ليس محصوراً بتعامل غير السوريين مع السوريين، لا بل أصبح ذلك بين السوريين أنفسهم، فالقوي أصبح يستغل الضعيف حتى لو كان في بلاد الغربة، الاستغلال هو السائد، فالأجور باتت قليلة، وأخذ العمولة غدا خياليا لاستئجار بيوت متواضعة الصفات، وآـجار البيت مرتفع جدا.لمَ على السوري في الداخل أو الخارج أن يعمل تطوعياً، وهو بأمس الحاجة إلى بضع دريهمات تضمن له بعض كرامته وتمنعه من الحاجة.كل ما يريده السوري أن يتعامل بإنصاف، وألَّا يُستغل مرتين، ونرغب بتوعية السوريين بحقوقهم القانونية في كل بلد حتى لا يبقى ضحية سهلة الافتراس ممَّن انعدم الضمير والإنسانية لديهم.