محمد حسناوي
في الفلم الشهير “أليس في بلاد العجائب” ، سألت أليس القط حائرة: أي طريق ينبغي أن أتخذه لأخرج من هنا؟
فقال: هذا يرجع إلى المكان الذي تريدين الذهاب إليه.
قالت بعصبية: لا يهمني إلى أين أذهب!
فأجابها بابتسامته المنحوتة على وجهه: إذن لا يهم أي طريق تسلكين!!
صديقي.. أنت في الحياة بين نموذجين:
إمَّا أن تكون كلاعب كرة في الحياة، لديه مرمى نصب عينيه، فكل استراتيجياته وتكتيكاته في الحياة مبنية على أساس وصوله إلى الهدف حتى تحقيقه، وكلّ حدث أو عائق سيتعامل معه بمنطق اغتنام الفرص وتجاوز المصاعب حتى يصل..
أو تكون متنزّه لا يدري أين يتنزه، فخرج واتخذ اتجاه اليمين في الحديقة، ثمَّ رأى وروداً فذهب شمالاً وهكذا دون وجهة محددة.
فكلُّ أمر جديد سيحرفه ويشتته من جديد.
فهل الفرق بين الناس هو في ظروفهم والأحداث التي قدرها الله عليهم؟
أبداً.. الفرق في العقلية المتعاملة مع الأحداث، فالذين لديهم تصور واضح عن هدفهم في الحياة لديهم حدث في حياتهم قد يكوِّن فرصة يستطيعون التعامل معها بل إيجادها حتى.
أمَّا الضائعين في فلك الأعذار فيُدخلون الأحداث كمادة خام في آلاتهم النفسية لتنتج لهم أردية من الأعذار يلبسونها ليداروا بها سوءات بؤسهم وضياعهم في الحياة..
ابن حزم الأندلسي وسليمان الباجي كانا طالبي علم وهممهم تطال النجوم.
الباجي كان شاباً فقيراً وكان عمله في حراسة حظيرة أنعام لأغنياء، وكان الأغنياء لهم سرج منيرة، لذا كان يجلس طوال الليل يقرأ العلم والكتب على ضوء السرج..
ابن حزم أبوه كان وزيراً، وعندما كان صغيراً كان يأكل بملاعق الذهب والفضة وربته الجواري، مع ذلك كان صاحب همة عالية للغاية.
وكانت تحدث بينهما مناظرات، فمرة يغلب ابن حزم ومرة الباجي.
فقال الباجي يوماً لابن حزم في إحدى المناظرات التي غُلب بها: اعذرني فقد كنت أطلب العلم على ضوء سراج الدرب.
فقال له ابن حزم: أنت أيضا اعذرني، فقد كنت أطلب العلم على منابر الذهب والفضة!
فكلاهما أحق بالعذر من الآخر، إنَّما كل واحد جعل من ظرفه فرصة استطاع اغتنامها لتحقيق هدفه.
أخي.. اعلم أنَّ الذين يصنعون التاريخ ويبنون الحضارة هم 2% من الناس فقط، والباقي مجرد أرقام.
فإمَّا أن تتعرف على مهمتك في الحياة وتكون لك رسالة وتحدد طريقاً لتحقيق أهدافك حتى تصنع مجداً لك قبل أن تصنعه لأمتك.
أو تكون رقماً زائداً في الحياة.
أخيراً: إذا لم تعرف هدفك في الحياة.. فكل الطرق تفي بالغرض!