بقلم : ناصر الدين السالم)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ( التحريم 6لقد منَّ الله على عباده بنعمة الأولاد ليكونوا لهم عونًا في حياتهم، وليصيبوا منهم دعاء لهم بالمغفرة بعد مماتهم، ولا يدرك هذه النعمة العظيمة إلا من فقدها أو حرم منها، ولكنها من وجهة نظر ثانية فتنة كبيرة واختبار ليس من السهل الخروج منه، فهو مسؤولية كبيرة تلقى على عاتق الآباء، فإما أن يرعاها حق رعايتها فيفوز فوزًا عظيمًا أو يضيعها فيخسر خسرانًا كبيرًا.ومن هذا المنطلق فإنَّ على الآباء والأمهات أن يكونوا في بيوتهم قدوة لأبنائهم، يرعون أهل بيتهم ويكونون مسؤولين عنهم، ويتقدمون ليكونوا قدوة صالحة لهم، تعلِّم الأولاد بالأقوال والأفعال والسلوكيات الإيجابية المختلفة.وتعتبر التربية بالقدوة من أهم وسائل التربية، فالأولاد يتأثرون بالأشخاص الذين يحتكون بهم وبمحيطهم، ويحاولون تقليد الكبار ومحاكاتهم، ولذلك فهم ينظرون إلى أهليهم على أنهم نماذج مثالية يحتذى بها، ولهذا نجد أن البيت الذي يكون ربه مدخنًا سيُخرِّج أولادًا مدخنين، فليس من المنطق أيها الأب أن تنهى ولدك عن فعل أشياء تكررها أمامه كل يوم عشرات المرات!إنَّ الباحث في أسباب انحرافات الشباب يرى أنها تعود إلى فقدان القدوة الصالحة في الآباء والتربويين والمعلمين، ولا يخفى على أحد أنَّ القيم النظرية التي تخرج من أفواه الآباء سهلة تموت على الشفاه ولا تصل إلى الآذان ولا تأخذ حيزًا من التطبيق، إن لم يجدها الولد في أفعال أبيه، فليس من المعقول أن نطلب من أبنائنا السير في طريق نكره أن نمشي فيه!فلننظر إذًا إلى مرآة نفوسنا قبل أن نوقف أبناءنا أمامها ونلقي اللوم والتقريع، ولنستجب إلى نداء الله لنقي أنفسنا وأهلينا النار ونكون قدوة لهم ونؤسس البنيان الذي سيعيد للأمة أمجادها.