في زحمة مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي استطاعت السيدة (غزل البغدادي) أن تترك بصمة خاصة بها في العالم الأزرق، وتثبت ذاتها بأنها سيدة سورية متميزة نقلت تجربتها وخبرتها في عالم المرأة والأمومة إلى عدد كبير من الأمهات وحازت خلال فترة قصيرة نسبياً على إعجاب أكثر من نصف مليون مشترك في صفحتها على الفيس بوك المعرفة باسم (علمتني كنز).
(علمتني كنز) مشروع موجه لكل أم وامرأة مهتمة في تصحيح مفاهيم مغلوطة ومتوارثة بين الأمهات دون دليل طبي أو علمي، فهو يهدف لتثقيف الأم وزيادة خبرتها في التعامل مع أطفالها وفق أسس صحيحة تستند لآراء أطباء وخبراء بهذا المجال.
وتعتمد الصفحة في عرضها للأنشطة على تطبيق منهج “منتيسوري” الذي يعتمد على التربية الحسية أي التعلم من خلال الأشياء المحسوسة والتفاعل معها.
الصحفية (غزل بغدادي) ابنة مدينة دمشق، حاصلة على إجازة جامعية من كلية الإعلام، ولديها شغف وحب كبير لعالم الأطفال، دفعها للعمل مُدرسة لمدة ست سنوات أكسبتها ليَونة في التعامل مع الأطفال الصغار، ثم انتقلت إلى بريطانيا وهناك في فترة حملها لاحظت الدعم والاهتمام بالمرأة الحامل وتكريس حملات توعية لها، ولكل ما يخص الطفل، وذلك بتسخير الإعلام في هذه القضايا وَهذا ما نفتقده في عالمنا العربي.
وفي سؤال صحيفة حبر لها عن أهم مصادر الصفحة في تقديم معلوماتها قالت: “في البداية كانت هيئة الصحة البريطانية، ثم أخذت من منظمة الصحة العالمية والأكاديمية الأمريكية للأطفال، هذا بالنسبة إلى المصادر المترجمة، أما بالنسبة إلى الكادر الذي يعمل معي في المشروع فأصبح لدي فريق طبي متخصص كطبيبة أسنان وأخصائي تغذية، ومعالج فيزيائي وعدة مترجمين، وهذا ما أكسب الصفحة ثقة كبيرة ومصداقية في طرح المعلومة، فأي معلومة تنشر يتم التأكد منها بشكل كبير قبل إيصالها للمتابعين.”
هذا الحرص في نقل المعلومات الصحيحة جعل من الصفحة موسوعة متنوعة وشاملة لاقت إعجاب ومتابعة أكثر من 700 ألف مشتركة من قبل الأمهات والنساء، ما جعل المشروع يكبر ويأخذ صدى كبيرًا ليس في مواقع التواصل الاجتماعي فحسب بل في المجتمع أيضًا.
انطلقت الصفحة في نيسان 2017 وحملت اسم (علمتني كنز) وكنز اسم ابنة السيدة غزل والبذرة الصغيرة التي انطلقت منها الصفحة لتنقل تجربتها الشخصية مع ابنتها إلى مئات الأمهات.
حرصت الصحفية غزل على مراعاة ظروف الحرب المشتعلة في المنطقة منذ سبع سنوات التي أثرت في كل أسرة، وفي كل طفل، فحاولت أن تقدم أفكارًا سهلة التطبيق وبإمكانيات متوفرة لدى الجميع.
وتعاونت في هذا المجال مع الأخصائي النفسي “محمد أيوب” في العمل على سلسلة متكاملة عن المشاكل السلوكية التي سببتها الحرب، كالصدمة النفسية وكيفية معالجتها، وعن التبول اللاإرادي عند الأطفال والسلسلة لاقت تفاعلاً كبيراً بين الأمهات.
وللصفحة صدى في الثورة فكانت بوابة لتقديم الدعم ولو بشكل بسيط للأمهات والأطفال في المناطق المحاصرة في الداخل السوري من خلال المشاركة البسيطة مع منظمات إنسانية لتقديم الدعم والمساعدة لهم.
تقول الصحفية غزل: “دائمًا أفكر في أطفال المخيمات وأسعى جاهدة لإيصال الفرحة إليهم، فقمت بالتعاون مع فريق (ملهم التطوعي) بالاحتفال بعيد ميلاد ابنتي (كنز) في أحد المخيمات، وشاركنا الفرحة أكبر عدد من أطفال المخيم، وتم توزيع الهدايا عليهم، هذا اليوم تاريخي بالنسبة إلي ولعائلتي.”
تعرضت السيدة غزل للمضايقات على صفحتها بسبب مواقفها الإنسانية من الثورة وبالأخص أطفال الثورة ودعمها ودفاعها عن المحاصرين في الغوطة، ما جعلها تخسر عدداً كبيراً من المتابعين للصفحة لأنها تحوي خليطاً من المؤيدين والمعارضين وهذا ما دفعها لتتحدى الجميع وتقف مع الحق ولو على سبيل الإضرار بصفحتها، وفي خصوص هذا الأمر تقول: “حلمي أن أخدم مبادئي وقضايا الثورة التي أؤمن بها، والثورة إن خُيل إلينا أنها انتهت أو أننا انهزمنا، فهذا مستحيل، لأن الثورة مبدأ، وهي ليست على نظام حكم فحسب بل على كل شيء، على مبادئ التربية القديمة، وعلى المعلومات الطبية المغلوطة، وثورة على عدم احترام الطفل، لذلك أراها ثورة مجتمعية وليست فقط سياسية.”
وختمت حديثها: “أنا بنت الثورة، فعندما تقرر المرأة أن تنجح وتحدث تأثيرًا إيجابيًا في مجتمع ما فهي قادرة على ذلك، ونحن نساء سورية يجب أن نقف مع بعضنا البعض أمام كل ما يحصل من أجل أسرنا وحياتنا وأطفالنا لنكون بألف خير وسعادة.”