علاء عبد الرزاق المحمود |
أفزعتني دراسة حديثة حول عدد الخريجين الذين يعملون في غير مجالهم واختصاصهم العلمي، حيث تُبين الدراسة أنّ 70% أو أكثر يعملون بغير اختصاصهم.
كيف يحدث هذا ما دام الشخص ذاته من يختار رغبته؟ هل بات اختيار الرغبة والاختصاص أمراً صعباً؟
نعم، أظنّ ذلك، في ظل التطور العلمي، وكثرة الاختصاصات الرئيسة وتفرعاتها الكثيرة، والشروط الكثيرة سواء كانت ناتجة من معدل القبول الجامعي أو غيرها، فأصبح الأمر محيراً؛ لذلك سنجيب عن هذا السؤال.
كيف يختار الأنسان رغبته؟ كيف يكتشف شغفه وميوله؟ من يسأل؟ وكيف يسأل؟ ومتى؟
أسئلة كثيرة ستُمضي بها أياماً بالإجابة عنها، لكنك ستكون راضياً فيما بعد؛ لأنك ستكون سعيداً، على العكس تماماً من الذين يمضون حياتهم بعملٍ لم يُخلق لأجلهم.
اختصاصك العلميّ سيكون مسؤولاً عن أكبر نسبة من سعادتك، كن حذراً في الاختيار، هيا لنمضي سوياً في الاختيار.
دوائر الإبداع:
(الرغبة، والقدرة، والفرصة) هي ثلاثة أمور لابد من توفرها حين تُقدم على الاختيار.
أما الرغبة: فهي الرغبة الحقيقية التي تكون واضحة وجليّةً، وليست زائفةً ومؤقتةً، وحتى تكتشفها لا بد من الجلوس مع نفسك بعض الوقت، وتحدد ميولك الشخصي ابتداءً من مواد الثانوية العامة، واسأل نفسك هذه الأسئلة:
هل أحب الرياضيات والمواد العملية؟ هل أميل لحفظ النصوص أكثر من فهمها؟ هل أنا مستعد لتطوير ذاتي بما يتماشى مع اختصاصي؟ ما هي الأمور التي أستمتع بممارستها وتجلب لي السعادة؟
اسأل طلاباً درسوا ما تُفكر به قَبل أن تُقدِم على الأمر، هذا سيُوفر عليك عناء التجربة والفشل، اسألهم أيضاً هل وجدوا فرصة عملٍ أم لا؟
حتى تكتشف رغبتك جيداً، ابحث عن الاختصاص الذي ترغب به، واسأل عنه في محركات البحث، ادخل إلى المواقع الرسمية للجامعات، واسأل عن فروعه، وخطته الدراسية، ماذا ستكتسب من مهاراتٍ جديدةٍ، اجمع كل التفاصيل، وقارن رغبتك قبل البحث مع رغبتك بعد البحث.
تذكر جيداً: الخياط الماهر هو الذي يجمع أكبر قدرٍ ممكنٍ من التفاصيل.
القدرة:
تتلخص بأربعة أمور: اسأل نفسك هل تمتلك القدرة المادية لدراسة هذا الاختصاص؟
هل تمتلك القدرة البدنية؟ هل تمتلك القدرة الأكاديمية؟ هل تمتلك القدرة الذهنية أيضاً؟
من يقدم على دراسة الطب، يجب أن يتجهز لمشوار الإحدى عشرة سنة، وأن يكون صبوراً، وأن يتمتع بقدرة ذهنية على الحفظ والربط بين الأمراض وعلاجها، وأن يكون له قدرةٌ ماليةٌ جيدةٌ حتى يستطيع الإكمال وقِس على ذلك.
الفرصة: إنني أشعر بالدهشة من شخصٍ يدرس اختصاصاً معيناً، ليس له فرصة للعمل في مجتمعه، فضلاً عن فرصته الضئيلة في سوق العمل.
حاول أن تبحث في سوق العمل عن فرصة عملك ومدى رغبة السوق بهذا الاختصاص، ويجب أن تبحث عن اختصاص الزحام فيه قليل، مما يضمن لك عملاً مؤكداً.
عزيزي الطالب: الدخول إلى الجامعة والانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ، ليس بالأمر الصعب، وليس بالحلم، فهذا سهل المنال، لكننا نبحث عن التميّز، خذ وقتك، هذا قرار العمر الذي سيلازمك طوال عمرك، سجل رغباتك في جدول عمودي، وضع تقييماً لها من 10 بناءً على الرغبة، والقدرة والفرصة، اجمع العلامات المعطاة واكتشف رغبتك الحقيقية.
أخيراً: أختم معك وأنصحك نصيحة محبٍّ، إياك أن تختار بصلةً كنت تظنها جوهرةً، إياك أن تختار اختصاصاً علميّاً زيّنوه في عينيك ومدحوه لك وأوهموك أنّه الأفضل، اختر أنت، أنت وحدك، ولا مشكلة بالسؤال والاستشارة، خذ وقتك فالقرار قرارك، والمصير مصيرك.