الأستاذة : ماجدة الحسنتعتبر التصورات المسبقة التي يضعها الزوج أو الزوجة في ذهنهما عن الحياة الزوجية وتشكيل الأسرة من المفاتيح التي تفتح أبواب المشاكل على مصراعيها، فكل منهما يحمل معه موروثات اجتماعية وعادات أكثرها خاطئ، إضافة إلى نصائح الأقارب والأصدقاء وتجاربهم التي لا تنتهي. ومن هذه التصورات علاقة الزوجة بحماتها، فقد ساد في مجتمعاتنا أن الحماة هي الشبح الذي يطارد الكنة في غدوها ورواحها، وأنها لا يهدأ لها بال ولا تقر لها عين حتى توقع بين الزوج وزوجه العداوة والبغضاء وتفرق بينهما وتجعل حياتهما سوداء حالكة، وقد فسروا ذلك فقالوا متوهمين: إن الأم تشعر بالغيرة من زوجة ابنها لأنها انتزعته من أحضانها. ولو كان كذلك لما أقدمت الأم على الخطبة لابنها، وحرمته الزواج.وقد ساعدت وسائل الإعلام بما تبثه من مسرحيات ومسلسلات وبرامج على تعميق المشكلة وترسيخ صورة الحماة الشريرة التي تنكد العيش وتجلس على القلب، فأظهرتها بمظهر قبيح منفر، تنفخ في النار كالأفعى، وتلعن كنتها وأم كنتها وعائلة كنتها دائماً، ولا شغل لها غير التفتيش عن مساوئ كنتها ونشرها بين الناس، وربما شاهدتم هذا النموذج الغريب في مسلسل (أهلا حماتي) الذي بث على التلفزيون السوري في منتصف التسعينات.وبالمقابل أيضاً نجد صورة الكنة التي كرهت حماتها من أول نظرة، فراحت تشكو من فظاظتها وقلة احترامها وتخلفها، والمشكلة أن الزوجة صدقت ما قيل لها من الكذب فراحت تعادي حماتها، وتنغص حياة زوجها، فيا ابنتي لا تصدقي ما يقال لك عن كيد الحموات، ولا تظني أن ما تعرضه المسلسلات أو ما قرأت في القصص صحيح، واتركي تلك النصائح التي تريد بها فلانة وفلانة أن تنقل مشاكلها الشخصية إلى بيتك وبيت زوجك، وقولي لمن يهمس في أذنك: “يجب أن تري حماتك العين الحمراء من أول يوم”: ما اعتدت على تغيير لون عيني، وإني سأريها بياض قلبي ورقته، وسأظهر لها المودة لأنها في مقام أمي، وقد تجدين يا ابنتي أو تسمعين عن مشاكل حدثت بين الزوجات والحموات فلا تعمميها، ولا تضعي نفسك في المشكلة.إن العلاقة بين الزوجة وحماتها يجب أن تكون قائمة على المحبة والمودة، وكيف لا، وهي التي اختارتها لابنها من بين مئات البنات، أليس من الغباء أن يذهب شخص إلى السوق ويشتري مزهرية ثم يعود إلى البيت فيكسرها؟فلتعلمي أيتها الكنة أن أعظم الناس حقا على الرجل أمه فأكرميها واحترميها، وأعيني زوجك على بر أمه، وقد يبتليك الله بحماة ليست على خلق فعامليها برفق ولطف وحكمة ولا تردي الإساءة بالإساءة، ولا تصدعي رأس زوجك بالعبارة التي ترددها بعض الجاهلات فتقول: حماتي نغصت حياتي. فأنت اليوم زوجة وغدا تصبحين حماة.وأنت أيتها الحماة العاقلة، إن زوجة ولدك بمقام ابنتك، ولذلك أحسني اختيارها بداية، لا يوسوس لك شياطين البشر والجن بأن ابنك مخطوف منك، انظري بعين الحكمة وتذكري أنك كنت مكانها يوما من الأيام، فانصحي ولا تتدخلي في خصوصياتها، وأحسني معاملتها وأشعريها بحبك لها، وإن ابتلاك الله بكنة على غير خلق فاصبري واحتويها وحوالي بذكائك أن تغيريها إلى الأفضلإننا نستطيع بالحكمة واللباقة والتعامل الحسن أن نضفي السعادة على جو الأسرة لتعيش بسعادة واطمئنان، لنقدم صورة مشرقة عن البيت المسلم الذي يسوده الإيمان والمحبة.