د. وائل الشيخ أمين |
يقول روجيه جارودي:
“إن شرط نمو الغرب إنما كان بالضرورة نهب ثروات العالم الثالث ونقلها إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، وبالمقابل فإن الغرب هو الذي جعل ما نسميه العالم الثالث متخلفاً”.
نزيد كثيراً من تمجيد العقل الغربي وازدراء أنفسنا عندما نظن أن الفجوة الحضارية بيننا كان سببها تميزهم وتدهورنا، والحقيقة إنما كان لانعدام القيم الأخلاقية لديهم أكبر الأثر في ذلك.
تحررهم من الأخلاق جعلهم يبيدون شعوباً بأسرها ليقيموا فيها مستعمراتهم ومصانعهم وجامعاتهم.
تحررهم من الأخلاق جعلهم ينهبون بلاد الدنيا بأسرها ويستثمرون بعض ما ينهبونه في تطوير البحث العلمي.
تحررهم من الأخلاق جعلهم يقتادون الملايين من إفريقيا ودول العالم عبيداً لهم ليكونوا عمالة رخيصة جداً تحرك ماكينتهم الصناعية فيسابقون بهم الزمن.
تحررهم من الأخلاق جعلهم يستخدمون البشر كفئران تجارب لتطوير أبحاثهم العلمية فشرحوا الأحياء، وانتهكوا كرامة البشر ليخرجوا بحقائق علمية جديدة، حتى أن الكثير من أبحاثهم، خاصة في فترة النازية، كانت تجري على الأطفال الصغار.
تحررهم من الأخلاق أغلق عندهم كل الأسئلة وترك لديهم سؤالاً واحداً: كيف نكون أقوى؟ فضاق مجال العمل لديهم ونجحوا فيه.
وتحررهم من الأخلاق أيضاً سيكمل بهم المسيرة إلى دمارهم الشنيع.
هذا الكلام لا علاقة له إطلاقاً بنظرية المؤامرة، بل هي حقائق صلبة جداً لا يتنكرون هم لها أبداً.
وهذا لا يعني أنه لا تقع علينا مسؤولية عظيمة فيما جرى لنا، فضعفنا هو سبب تحكم الاستعمار فينا قبل أن يكون نتيجة له.
لكن الفكرة الأهم التي أريد إيصالها هي أن الغرب لم يكن ليصل إلى هذه الدرجة العالية جداً من القوة لولا أنه استباح كل شيء في سبيلها، ولو أنه التزم بالأخلاق لكانت مسيرته أبطأ من هذا بكثير.
فليس الذي يميز الغرب عنَّا هو حدة عقلهم وذكائهم، بل انحطاط قيمهم وأخلاقهم.