الزواج سكن للنفس وراحة للقلب وتعايش بين الرجل والمرأة على المودة والرحمة ليؤسسا سويًّا الأسرة السليمة، إذ على المسلم السير على هدي الإسلام بمعاشرته وتعامله مع زوجته، يقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يهيب بالرجال جميعا:
“اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا”
فبعد أن كانت المرأة تتعرض لشتى أنواع الذل والهوان والوأد أيضا جاء الإسلام ليكرمها ويوصي بها، وكان طوق النجاة لها من براثن الجهل والظلم، والغريب ما نراه اليوم من البعض من معاملتهم السيئة للمرأة وقمعها والتقليل من شأنها باتباع شتَّى الوسائل لكي تخضع من خلال تعنيفها وضربها وشتمها، وأغلب الأحيان يكون ذلك بسبب العصبية الجنسية مما يؤدي إلى ضرر نفسي وجسدي على المرأة.
الأستاذ “أحمد عبد الحميد” المرشد النفسي تحدث لصحيفة حبر عن العنف ضد المرأة قائلاً: “العنف سلوك موجه من الزوج لزوجته رغم أن ديننا منعنا من تعنيف المرأة وأمرنا بحمايتها والعطف عليها.”
وأضاف: “العنف الأسري شائع حاليا بمجتمعنا بسبب التمييز بين الرجل والأنثى داخل المنزل، وهناك أسباب مالية واقتصادية واجتماعية، ونجد أن العنف النفسي من أخطر أنواع العنف لأن الحرب الدائرة أدت إلى اضطرابات وإفرازات نفسية نتج عنها مشاكل صحية وجسدية وهذا هو السبب العام للعنف.”
ومن المعنفات جسديا ونفسيا (م، ع) التي رفضت الإفصاح عن اسمها، من قرى ريف معرة النعمان بمحافظة إدلب، تروي لصحيفة حبر معاناتها قائلة: “كان زوجي يضربني كثيرًا على كل شيء وأي شيء، وعند علمه بأنني حامل ازداد ضربه لي وجن جنونه، وأصبح يعذبني ويضربني حتى أخسر جنيني الأول الذي ما زال ينمو بأحشائي.”
وأضافت: “بعد هجره لي وللمنزل لشهر تقريبا عاد ليوبخني ويضربني من جديد، فتركت المنزل ولجأت إلى بيت أهلي الذين استقبلوني بمزيد من الشتائم لأني لا أسمع كلام زوجي في إسقاط الجنين، ولم ينتهِ الأمر بالشتائم فقط بل انهال عليَّ والدي وأخي بالضرب المبرح حتى فقدت الوعي، وعندما صحوت ذهبت إلى المشفى وشاهدت على جهاز الإيكو جسد طفلي الصغير الذي لم يكتمل ومازال رغم كل الضربات قويًّا، عندها قررت تقديم شكوى للمحكمة على زوجي وأهلي”
يضيف الأستاذ أحمد أن الحلول التي يمكن وضعها لحل مشكلة العنف تتلخص بمعرفة الأسباب بداية لإيجاد الحلول المناسبة في النهاية، مشيرًا إلى أن أهم أسباب العنف الجهل المنتشر بكثافة حاليا، ولذلك علينا الاهتمام بالتعليم، وإغناء مناهجنا الدراسية كيلا نقع بهكذا مشاكل، وبذلك نساهم بنشر الوعي والثقافة الصحيحة.
وأردف قائلاً: “عندما يتم تأمين فرص العمل المناسبة للمرأة، بذلك نكون قد ساهمنا ببناء المجتمع، وعززنا قيام علاقة زوجية تملؤها الألفة والمحبة، كما تربينا بديننا الحنيف لخلق جو أسري صحي للأطفال والعائلة كـكل”
رغم جميع النصوص النبوية والأحداث التي تذكر ممارسة المرأة لدورها في المجتمع بشكل طبيعي، إلا أن الأنظمة المتبعة في مجتمعنا اعتمدت على ما يسمى بالعادات والتقاليد، وشوهت بذلك الحقوق والواجبات بين الجنسين، ثم ساوت بينها وبين الأوامر الإلهية حتى أعطت لسلطة الرجل على المرأة قدسية دينية خاصة.
فالمعنفات يدفعنَ ضريبة أكبر لسيطرة العادات والتقاليد على التعاليم الدينية والتشريعية لأنه من المعلوم لدى الجميع أن المرأة في مجتمعنا لا تستطيع أن تأخذ حقها من زوجها أو أي رجل من أقاربها في حال تم الاعتداء عليها جسديا أو ماديًّا لأن العادات لا تسمح بذلك والكل يخاف من الفضيحة وفقًا لتعبيرهم.
العنف انتهاك واضح لحقوق الإنسان، وله عواقب خطيرة على المجتمع بأكمله لآثاره على الأسرة والأفراد ولأنه ظاهرة عامة توجد بجميع المجتمعات.