نُدرك جميعاً أهمية المستوصفات الصحية التي تقدم الخدمات الصحية للمواطنين كاللقاحات الدورية للأطفال دون سن الخامسة إضافةً إلى بعض الأدوية والإسعافات الأولية التي لا تحتاج إلى المشافي المتخصصة وبسبب حقد النظام الذي منع وصول اللقاحات إلى المستوصفات الواقعة تحت سيطرة المعارضة ونتيجةً لاستهدافها المتكرر بشتى أنواع الصواريخ والقذائف خرجت العديد منها عن العمل وهذا ما أدى إلى انتشار العديد من الأمراض كشلل الأطفال والحصبة وللتخفيف من انتشارها والحد من نتائجها السلبية على الصحة المجتمعية انتشرت حملات اللقاح في المناطق المحررة بعد أن لوحظ انتشار أربع حالات شلل أطفال في مدينة دير الزور أتت مع المهاجرين الأفغان أواخر عام 2014 حيث كان من المفترض إعلان سوريا خالية من شلل الأطفال بداية عام 2015 لولا ظهور تلك الحالات.
ولمزيد من المعلومات عن حملات اللقاح التقت صحيفة حبر الدكتور عبد الكريم ياسين المشرف العام على حملة اللقاحات في حلب لبحث ضرورة توفير اللقاحات في المناطق المحررة وللحديث عن أهم الصعوبات التي تواجه الفرق التطوعية التي تتحمل عبء إيصال اللقاحات إلى جميع الأطفال على اختلاف أعمارهم.
الدكتور عبد الكريم ياسين استهل حديثه قائلاً: “إن هذا اللقاح يؤمن الوقاية من طيف واسع من الأمراض وعلى رأسها شلل الأطفال حيث لا يوجد علاجٌ لهذا المرض في حال حدوثه فبداية الحملة كانت عبارةً عن جولات تعتمد على فرق متنقلة من المتطوعين تتنقل بين المنازل وحتى إلى المنازل التي تقع على أطراف القرى إضافةً إلى خيم البدو الرحَّل وبعد عمل منظم لفرق اللقاح والمشرفين على الحملة تمكنا من الحصول على ملف اللقاح الروتيني من منظمة الصحة العالمية بعد انتزاع هذا الملف من النظام ويتبع هذا اللقاح لمنظمة اليونيسيف بإشراف منظمة الصحة العالمية أما فرق اللقاح فهي تتبع لمديرية صحة حلب الحرة و يتم خلال السنة الواحدة أربع جولات جولة كل ثلاثة أشهر و تستهدف كل منها ما يقارب المئتان وخمسون ألف طفلٍ .
أما الحملة الماضية فكانت بتاريخ 13/9/2016 وبسبب القصف العشوائي التي تتبعه الطائرات الروسية والسورية تم إيقاف الحملة عقب انطلاقها بيوم واحد وبعد عشرة أيام تم استئناف الحملة واستكمالها بشكل تام والحملة القادمة ستنطلق بداية الشهر القادم.
- كيف يتم إيصال اللقاحات إلى المناطق الساخنة عسكرياً؟
“في حال وجود مواجهات عسكرية نقوم بتأجيل الحملة ريثما تهدأ المعارك ولكننا بفضل الله رغم كل الحملات الشرسة التي تتّبعها قوات النظام استطعنا إيصال اللقاح لتلك المناطق كحلب وغيرها”
- ماهي آلية الحفاظ على اللقاحات لتجنب فسادها؟
“تأتي اللقاحات من منظمة اليونيسيف ببراداتٍ وبدرجة حرارة محددة ثم تُخزَّن في غرف التبريد المركزية الواقعة في محافظة إدلب ثم تُنقل بعدها إلى غرف تبريد كل منطقة قبل انطلاق الحملة بيومين ومن ثم تُوزع على مراكز اللقاح قبل انطلاق الحملة بيوم وهذا ما يُسمى بسلسلة التبريد والتي يُشرف عليها أشخاص مدربون بشكل جيد بغية الحفاظ على اللقاح ومنع فساده”
- كيف يتم انتقاء الفرق الخاصة باللقاح؟ وهل هناك دورات تتلقاها هذه الفرق؟
“في بداية الحملة لم يكن هناك آلية معينة لانتقاء الفرق بل كان هناك متطوعون من الطبقة المثقفة ولكن بعد نجاح أول حملة لقاح أصبح هناك معايير محددة لا يمكن التنازل عنها كأن يكون الملقِّح ممرضاً وذا خبرة بإعطاء اللقاح وقبل انطلاق كل جولة بعشرة أيام يتم تدريب أشخاص من المجتمع والذين لهم دور بالإعلان عن موعد انطلاق الحملة ثم يتم تدريب مشرفي المناطق والمراكز والذين بدورهم يدربون الفرق جميعها.
ونتيجةً لحملات اللقاح الماضية تمت الوقاية من طيف واسع من الأمراض كشلل الأطفال والحصبة الألمانية والسعال الديكي والكزاز والتهاب الكبد Bوالسل الرئوي”
- ما أبرز المشاكل التي تواجه هذه الفرق؟ وكيف يتم التعامل معها؟
“إن أهم المشاكل التي تواجه فرق اللقاح هي رفض الأهالي تلقيح أطفالهم والسبب عائد لأمرين اثنين إما أن يكون رب الأسرة من مؤيدي النظام ويتمسك برأيه على ألا يلقح أطفاله إلا في مراكز تابعة للنظام!
والسبب الآخر هو بعض الإشاعات المغرضة التي يسمعها الأهالي بأن اللقاح فاسد وسيؤدي إلى موت الأطفال ولحل المشكلة يقوم أحد المشرفين بمرافقة فرق اللقاح والذي يقوم معها بإقناع الأهالي وتدارك حالات الرفض تجنباً لإصابة الأطفال بأي مرض كان وبالحقيقة استطاعت هذه العملية إقناع الأهالي بضرورة اللقاح والتي قللت من نسبة الرفض التي لم تعد تتجاوز 1% من نسبة المستفيدين.
تمارس هذه الفرق واجبها على أكمل وجه في إيصال اللقاح لجميع الأطفال الذين يحتاجون إليه لكي تدوم صحتهم ولتفادي الأمراض الناجمة عن عدم تلقي اللقاحات خلال السنين الأولى من عمر الطفل بإصرارٍ على الالتزام بدورها الصحي في المجتمع أمام جميع العقبات التي تحاول خلخلة الواقع الصحي في الداخل السوري.