بسم الله الرحمن الرحيم
شهدت مدينة حلب في الفترة الأخيرة هجمة شرسة من قِبل الطائرات الروسية التابعة لقوات النظام المجرم، تلك الهجمة التي طالت الأحياء السكنية والأسواق الشعبية والمدارس التعليمية، فهي تهدف إلى قتل الأبرياء وبثّ الرعب والترويع في نفوس الأطفال.
إلّا أنّ طلابنا لديهم من الثبات و العزيمة و الإصرار ما يفوق قوة تلك الطائرات الإرهابية التي لا تميّز في القتل بين صغير و كبير، بين امرأة و رجل، بين شاب و شيخ، هذه الهجمات مدروسة و مُخطط لها تخطيطًا دقيقًا، فغايتها المُثلى منع التعليم في المناطق المحررة و إغلاق المدارس و دفن الجيل في ظلمات الجهل لكيلا يقوى على محاربته عندما يكبر، بل من الآن يخافونه و يخشونه، فذلك النظام الفاسد الجبان أضعف من مواجهة طفل حرّ أسمى مطالبه العلم، و أقوى سلاح له القلم و الكلمة الحرّة، و شعاره ” جهادنا في علمنا ” إنّ أطفالنا على وعيٍ كبيرٍ بما يجري حولهم، إذ لم تعد تهابهم أو ترهبهم تلك الطائرات و لا حتى الصواريخ و القذائف والبراميل المتفجرة، فقد أصبحوا على قدرٍ لا يُستهان به من المسؤولية لمواجهة تلك التحديات، و رغم أنفِ كلّ حاقد و محتل سيستمر التعليم، و سنبقى نعدُّ أطفالنا و نزرع في نفوسهم حبّ الوطن و الدفاع عن كل شبرٍ من أرضه، و التمسك بالهوية العربية السورية؛ لننشئ جيلًا قويًا قادرًا على الدفاع عن أرضه و عرضه لا يهاب كيد الكائدين، و ستقوى عزيمتنا و عزيمة أبنائنا بقوله تعالى: (يَا أَيٌّها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلّكم تفلحون ) آل عمران [ 200 ] . فها نحن نصبر ونصابر ونرابط في بيوتنا، في مدارسنا، في أحيائنا وعلى الجبهات، ونسأل الله تعالى التقوى في أعمالنا حتى يرزقنا الله النصر القريب.
فلا ذنب للأطفال من حرمانهم حقهم في التعليم، و ممارسة دورهم في المجتمع، و التعبير عن رأيهم و مشاركتهم في اتخاذ القرار ضمن ضوابط معينة، فلو كنَّا نخاف الموت لأغلقت المدارس و بقي الأطفال يهدرون أوقاتهم في اللعب بالطرقات العامة، و يعانون من أمراض نفسية، و كانت نهايتهم التشرد و ضياع مستقبلهم.
لكننا بفضل الله مستمرون في نشر العلم و التعليم بين صفوف أبناء الأمة، و إعدادهم لمواجهة كل مستبدٍّ معتدٍ على أرضه و شعبه ورغم ما نواجه من صعوبة وتحديات أثناء التعليم، فالنظام يكثف من غاراته التي تستهدف المدارس والمباني السكنية، إلا أنَّنا لا نهابهم، فلن يصيبنا سوى ما كتبه الله لنا، ولن ينالوا غايتهم بحرماننا من تعليم أطفالنا رغم ارتقاء العديد من الطلاب والكوادر التعليمية، فهذا شرف لنا أن نموت ونحن على رأس عملنا وعلى مقاعد الدراسة وفوق الكتاب والقلم، فقد اختلطت دماء الأبرياء بحبر القلم وبحقيبة المدرسة على أيدي ظالم لا يعرف معنى الإنسانية، ولا يقدر حق الانسان بالعيش بسلام، لن نسمح لهم بتحقيق ما يصبون إليه ويتمنونه، وسندافع عن حقنا بكل ما أوتينا من قوة لنصر كلمة الحق.
من خلال ما سبق ذكره نجد أنَّه علينا كمجتمع سوري حرٍّ يطالب بحريته واستقلاله ونيل مطالبه الصمود والاستمرار بما بدأناه منذ خمس سنوات، وعلينا أن ننشئ جيلا قويا وصامدا سلاحه العلم والمعرفة، والقلم والكلمة الحرة.
رنا الحلبي