محمد العباس |
بعد ظهور جائحة كورونا منذ قرابة الأربعة أشهر، وتفشي هذه الجائحة في مختلف أنحاء العالم، وبعد أن تبين مقدار هشاشة النظام الصحي العالمي في مواجهة مثل هذه الفيروسات وعدم إمكانية التصدي لها إلا بالوقاية وتدارك الأمور قبل فوات الأوان في المناطق المحررة الواقعة شمال غرب سورية التي تعدُّ من أ كثر بقاع الأرض خطورة وكثافة سكانية وهشاشة في النظام الصحي التابع لها.
ومن هذا المنطلق خرجت العديد من المنظمات والجمعيات لإطلاق حملات توعية وتوزيع ما أمكن من أساليب الوقاية التي أصبحت هي الأخرى غير متوفرة وبأسعار خيالية إن وجدت، وهنا برز دور المرأة السورة التي كانت ولا زالت جنبًا إلى جنب مع الرجل في مواجهة مثل هذه المخاطر والاستفادة من خبراتها في الخياطة والحياكة وغيرها.
الآنسة (نارمين السويد) مسؤولة قسم التخطيط والدراسات في مؤسسة (مزايا النسائية) قالت في مقابلة خاصة مع صحيفة حبر: ” بعد ظهور الجائحة ومشاهدة عجز العالم عن إنقاذ نفسه، أحسسنا بخطورة الوضع في محافظة إدلب التي تعد من أضعف مناطق العالم في القطاع الصحي، وقمنا بدراسة مشروع توعوي متكامل بخطوات مدروسة لنكون جزءًا من الدرع الحصين الذي يعمل لإنقاذ أهله من المخاطر والأزمات”.
وأضافت (السويد) في حديثها: “بدأنا في زيارة للمخيمات العشوائية الموجودة في محيط مدينة (سلقين) بريف إدلب الشمالي الغربي، وقمنا بتقييم الاحتياجات والبدء بالعمل على مراحل حسب الخطة الموضوعة، فكانت الخطوة الأولى هي حملات توعية متتالية لتلك المخيمات مع التعريف بتلك الجائحة والتحذير من مخاطرها، ومن ثم بدأنا بسلسة إنتاج متكامل لأدوات الوقاية الشخصية”.
وعن تفاصيل المشاريع التي نفذها مركز (مزايا النسائي) في هذا الخصوص قالت (أمية الشاكر) مسؤولة العلاقات العامة والمشرفة على قسم الإنتاج والعاملات في المركز: ” قمنا بترجمة الأفكار إلى عمل بعد فقدان معظم الأدوات اللازمة للوقاية في السوق وارتفاع أسعارها كثيرًا، بدأنا في انتاج الكمامات في مرحة ثانية بعد حملات التوعية، وكانت هي المرحة الأهم كونها الخطة الأولى من نوعها في الشمال السوري بما يعادل 150 كمامة يوميًا تغلف وتعقم من قبل مشفى (كفرنبل الجراحي) الذي كان متعاونًا معنا لأبعد الحدود.”
وشرحت (الشاكر) مراحل دورة الإنتاج بقولها: “بعد شراء المستلزمات الأولية من السوق قمنا بتوزيع الأدوار كل واحدة حسب اختصاصها (قص، وخياطة، وحياكة، وتغليف) ومن ثم إرسالها إلى مشفى كفرنبل لتخضع للفحص والتعقيم ومن ثم العودة للمركز.”
وأضافت (الشاكر): “أما عن مراحل إنتاج المعقم المحلي فهي خطوات طبية تم وضعها حسب مقدرات من اختصاصيين، وهي مادتي (الكحول، وزيت الأطفال جونسون) ودمجها بنسب معينة، ومن ثم تعليبها وتغليفها لتصبح جاهزة للاستعمال بشكل مباشر”.
واختتمت (أليسار) مسؤولة التوزيع: “ما قدمناه ليس كافيًا، فإمكانياتنا ضعيفة جدًا بالنسبة إلى الاحتياجات المطلوبة ” مخيماتنا بيئة خصبة لانتشار الفيروس بشكل كبير.. ساعدوها .. أنقذوا ما تبقى من أهلنا في المناطق المحررة”.
(أم محمد) نازحة من ريف حماة الشمالي الغربي قالت في مقابلة تلفزيونية: ” استلمنا من مؤسسة (مزايا) الكمامات وبعض مواد التعقيم، لكنها ليست كافية بسبب تلوث المياه وعدم توفر سلل نظافة، نحن فقراء وبحاجة لكل شيء.”
وتعدُّ مؤسسة (مزايا) هي من المؤسسات الفاعلة بشكل كبير في تمكين المرأة ومساعدتها لتكون سندًا لا عبئًا على الرجل في هذه الحياة، وكان لها دور كبير في تخريج نساء متميزات وفاعلات في مجتمعنا الذي هوي بأمس الحاجة إلى خروج قدرات المرأة وفاعليتها بعد فقدان عدد كبير من الرجال نتيجة الحرب الدائرة في سورية من بداية عام 2011.