“الحليف الروسي سيدعم اقتصادنا من خلال التنقيب عن النفط في الأراضي السورية” هذه هي الفكرة التي يحاول الإعلام السوري أن يزرعها في عقول مؤيديه، مستندًا في الفكرة السابقة على عدة معطيات أبرزها:
- روسيا وإيران هما الدولتان الوحيدتان اللتان دعمتا الاقتصاد السوري بعد فرض الحكومات الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية في 2011 عقوبة على النفط الروسي.
- روسيا قدمت مساعدات كبيرة للنظام من خلال تقديم الأسلحة، كما منعت عدة قرارات دولية كانت كفيلة بالإطاحة بالأسد ونظامه.
- روسيا هي من أعادت حقول النفط السورية وحررتها من أيادي داعش.
بداية دعونا نتحدث عن السبب الذي دفع روسيا إلى إصدار هذا القرار في وقت تشتعل فيه المعارك العسكرية والسياسية في سورية.
الولايات المتحدة الأمريكية طلبت من الشركات النفطية السعودية أن تزيد ضخ النفط إليها، مما يعني تضاعف الاقتصاد الأمريكي وهذا ما دفع إيران إلى تهديد شركة أرامكو السعودية التي يبدو أنها لم تستجب لهذه الدعوات، فهي تجري اختبارات هذه الأيام لدراسة نتائج رفع سقف الإنتاج إلى 11 مليون برميل يومياً.
هذا المد الأمريكي لا يقف في وجهه سوى التنقيب عن النفط في الأراضي السورية، وهذا ما سيتعارض مع مصالح إسرائيل الطفل المدلل عند الولايات المتحدة، لذلك فمن المتوقع أن يكون ملف النفط السوري على رأس الملفات التي سيناقشها بوتين وترامب في اللقاء المرتقب.
ومن المتوقع أن ترفع روسيا وإيران، التي تتعارض مصالحها مع إسرائيل، القيود عن إسرائيل للتنقيب في هضبة الجولان التي قال عنها الدكتور الإسرائيلي يوفال باتروف: “لدينا في الجولان عشرة أضعافِ الكميات الموجودة في حقول الدول الأخرى!” ونقلاً عن وسائل إعلامية إسرائيلية فإن النفط فيها يكفي إسرائيل مدة أربعة قرون.
الأمر الأكثر أهمية أن هذا النفط المكتشف لا يشترط أن يكون للسوريين أو لدعم الاقتصاد السوري وإقامة مشروعات كهربائية لتوفير كهرباء دون انقطاع كما يروج الإعلام السوري للمحلي، بل إن هذه الاتفاقية التي وقعها النظام تعدُّ استكمالاً لعقود تجارية استثمارية سابقة وقعها النظام مع الجانب الروسي مثل «عقد عمريت» في 2013، الذي يعدُّ الأول من نوعه من أجل التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية بتمويل من روسيا، على أن تسترد روسيا النفقات من الإنتاج وتكون الدولة الأَولى بالاستثمار والاستيراد للنفط المكتشف، إذا فهو اتفاق يدعم المصلحة الروسية بامتياز.
كما إن روسيا وإيران قد استفادا من الحرب السورية في دعم اقتصادهما وبيع الأسلحة بكل أنواعها وليس لهما أي فضل على الشعب السوري لأنهما دعما الاقتصاد في ظل حظر التعامل الأوربي مع النظام بسبب ممارساته على الشعب السوري ولم يتوقف الأمر عند النفط بل تعداه إلى الاستفادة من القمح السوري إضافة إلى السيطرة على أراضٍ ومطارات سورية وتحويلها إلى قواعد عسكرية، ولو كان الحظر الأوربي يتعارض مع المصالح الروسية لكانت روسيا استخدمت حق الفيتو لكنه بالتأكيد يتماشى مع المصالح الروسية في الأرض السورية ظاهرها وباطنها.
ومن المنظور السوري فإن هذا الاتفاق الروسي سيجعل حل القضية السورية أكثر صعوبة وسيقيد الحل السياسي وسيضع مزيداً من التحفظات التركية الأمريكية على أي تقارب مع روسيا، كما سيزيد الأزمة الإيرانية الإسرائيلية اشتعالاً مما سينعكس سلباً على التفاوض السياسي للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف لا سيما بعد رفض الائتلاف السوري لهذا الاتفاق باعتباره يهدف إلى تزويد النظام السوري بمزيد من الأسلحة لقتل الشعب السوري.
إن النظام السوري يتحكم بالثروات ما ظهر منها وما بطن، وعلى الأقل إن خسرنا الثروات السورية علينا ألا نخسر الوعي المجتمعي والسياسي وألا نسمح للنظام بحشر تسويغ لغاياته في بيع الأرض، كما يجب علينا إدراك طبيعة المصلحة التي تحكم العلاقات بين الدول ورفض الحجج التي يضعها النظام لتقبل هذه القرارات التي أصدرها مؤخراً ومنها النفط وتأميم بيوت المهجرين وغيرها من القرارات التي لا يقبلها إلا المجنون وأخيراً فمن رضي سرقة ما فوق الأرض وصمت، فلن يبكي على باطنها.