باسل عبود |
كانت الليرة السورية منذ بداية الاحتجاجات وما تزال في انحدار شديد، في علامة واضحة على الضعف الاقتصادي الحاصل في البلاد.
فقد لامس سعر صرف الدولار حاجز 700 ليرة للدولار الواحد قبل فترة قصيرة في ظل وعود متكررة من قبل البنك المركزي بدعم سعر الصرف وإعادته إلى مستوياته السابقة، في حين إن الواقع الاقتصادي يشير إلى العكس، فقبل فترة وجيزة اعترف رئيس وزراء النظام أمام أعضاء مجلس الشعب بأن خزانة الدولة شبه فارغة من القطع الأجنبي، وأن القطاعات التي كانت ترفد خزانة الدولة بالقطع الأجنبي هي في حكم المتوقفة (كالنفط والسياحة والترانزيت)
في الوقت الذي تحتاج فيه مناطق النظام إلى مشتقات نفطية شهريًا بقيمة 200مليون $ ليطرح هذا التصريح تساؤلاً آخر هو: من أين يحصل النظام على الأموال لتغطية نفقاته؟!
لقد كانت الدول الداعمة للنظام السوري وعلى رأسها إيران الرافد الاقتصادي للنظام إما بالسيولة المباشرة وإما بالدعم عن طريق المشتقات النفطية، ومع تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران جفَّ هذا الرافد وتلاشى وخاصة بعد تشديد العقوبات على السفن التي تنقل النفط إلى نظام الأسد الذي بقي أمامه بعض الطرق التي تمكنه من الحصول على العملة الصعبة تندرج جميعها ضمن دائرة السرقة لأموال الشعب والدولة.
الخيار الأول: هو التحكم بالحوالات المالية التي تأتي من الخارج بالعملات الأجنبية وتسليمها للمواطنين بالعملة المحلية وبسعر الصرف الذي يحدده البنك المركزي، وهو في الأغلب أقل بكثير من السعر الحقيقي في السوق السوداء، وهي سرقة رسمية لمدخرات المواطنين السوريين.
الخيار الثاني: هو تأجير المرافق الاقتصادية الحساسة لعقود طويلة الأمد، كميناء طرطوس وحقول الفوسفات في صحراء حمص لروسيا وبأسعار بخسة مقابل الحصول على بعض المكاسب الآنية التي لا تعدو كونها إبر بنج لمريض مصاب بالسرطان، وفي هذا تبديد كبير لموارد الدولة السورية على المدى الطويل.
الخيار الثالث: هو استخدام المساعدات المقدمة للشعب السوري من الأمم المتحدة في دعم اقتصاده المتهالك عن طريق حرمان المستفيدين من المساعدات، وتحويل ثمن تلك المساعدات إلى آلة الحرب التي تبطش بالسوريين، في تواطئ واضح من قبل الأمم المتحدة عن طريق غض النظر عن تلك التصرفات.
الخيار الرابع: فبعدما عجزت جميع تلك الحقول الترقيعية في دعم الاقتصاد، لجأ النظام إلى مصادرة أملاك بعض الشخصيات المقربة منه بحجة مكافحة الفساد، ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، فمن جهة هو يستحوذ على المال الذي يريد، ومن جهة أخرى يمتص بعضاً من غضب حاضنته الشعبية على الأوضاع المتردية التي يعيشونها في ظل الفساد والقمع.
إن كل تلك الحلول لم تعد قادرة على إنعاش حالة النظام الاقتصادية، فمع سيطرة قوات النظام على معظم مدن البلاد الكبرى زادت أعباؤه الاقتصادية من تأمين الخبز والمشتقات النفطية والكهرباء والخدمات، في حين يبقى محرومًا من الموارد الاقتصادية المهمة، كآبار النفط والمعابر الحدودية وطرق التجارة الدولية التي يحاول بأي سبيل إعادة فتحها.
لقد بات النظام اليوم خائفاً بشكل حقيقي من ثورة الجياع التي إن اندلعت في مناطقه لن ينفع معها القمع، فليس لدى الجائع شيء ليخسره.