عبد العزيز عباسي |
هل تساءلت يوماً عن الإنترنت المظلم أو deep web ما هو ومن يتحكم به ومن يموله؟ وهل هو فعلاً منظمة سرية غير مكشوفة للناس؟
نسافر اليوم مع روايةٍ حاولت الغوص في أعماق الإنترنت المظلم وسبر أغواره، إنّها الرواية الثانية للكاتب المصري (أحمد خالد مصطفى) بعد روايته الأولى أنتيخريستوس، إنها رواية: (رواية أرض السافلين) من هم السافلون؟ من هو سكوربيون؟ وما هي النوافذ السبعة؟ وهل هناك مواقع أخرى سرية يتعامل بها أهل الإنترنيت المظلم؟
رحلة غريبة تقوم بها روح الكاتب إلى قاعة هارموني ومن ثم يحصل اللقاء الأول مع سكوربيون وهو دليل الكاتب في هذه الرحلة. النوافذ السبعة هي عوالم إلكترونية يستطيع أيّ شخصٍ أن يدخلها ولكن من متصفحٍ سري اسمه: orbot تستطيع من خلاله الاطلاع على عوالم الدعارة والمال والتضليل الإعلامي وتجارة المخدرات، كل ذلك وأكثر تجده في هذه المواقع. هل تذكرون فيلم الماتريكس وذلك المشهد الذي يجمع بين نيو ومورفيس والحديث عن المصفوفة التي تحكم العالم؟ هذه ليست مؤامرة كما تظنون أو لعبة في كمبيوتر، بل هي أرض السافلين.
اطلع الكاتب على الكثير من الكتب والدراسات والمقالات والأبحاث في الطب والعلم والدين والفساد؛ لأنه يؤكد في فيديو له على اليوتيوب أنّه استمر في كتابة الرواية سنتين.
لمن يتساءل عن الشخصيات والأحداث يقول الكاتب: إن أغلبها حقيقي وموثق بالصور والمصادر، ولمن أراد الاطلاع أكثر فليبحث في الإنترنت عن كتاب اسمه (ما حذفه مقص الرقيب من رواية أرض السافلين ومحتويات الموقع السفلي). صومالي ما وناتاشا الروسية وغيرها الكثير ضحايا الاستعباد الجنسي الذي تُعاني منه دول كثيرة منها كمبوديا والصين وألبانيا وبيلاروسيا والقائمة تطول.
كانت سومالي تعمل في أرض السافلين كعبدة جنسية، ثم نالت حريتها وأسست منظمة لمكافحة الاستعباد الجنسي، وقام بدعمها الكثير من مشاهير هوليوود.
الرواية مقسمة إلى 7 نوافذ ليس هناك أيّ ترابطٍ بين أحداثها، تستطيع الاكتفاء بكل نافذة لوحدها، فهي أقرب إلى الكتاب من الرواية.
حاول الروائي أن يلصق كل شيءٍ يحصل في هذا العالم بظهر الماسونية، الثورة الفرنسية والإنكليزية والاغتيالات والاعتقالات السياسية وقلب أنظمة الحكم حول العالم، وهذه الفكرة ليست بجديدة، فقد تحدث عنها المسلسل التركي الشهير وادي الذئاب والكاتب دان براون في رواياته: كرواية دافينشي كود، غير أنّ دان براون جعل الماسونية متنورين.
الكتابة ليست فقط اسم وأحداث وبطل، فالرواية قد يكون لها دور في زيادة الوعي بين القراء، ولا ننكر أن الكاتب ساهم في بث الوعي بين القراء لكنه أعطانا بعض المعلومات الدينية والتاريخية الخاطئة بناءً على معلوماته الشخصية.
أسلوب الرواية متنوع سردي، وأحيانًا يشبه المقالات، وأحيانًا أخرى يشابه الإخراج السينمائي، ولو تحولت هذه الرواية إلى فيلم لنجحت نجاحاً باهراً. هناك بعض المعلومات الدينية والتاريخية الخاطئة، فبعد الله بن أبي سلول من المدينة المنورة وليس من مكة.
الرواية طويلة، والتفصيل الممل في الأفكار جعلها أشبه بمقالات عاطفية ليس إلا تفتقر إلى الحجج والإقناع، فالكاتب يريدنا ألا نصدق ما يُعرض علينا في الإنترنت والفضائيات؛ لأنها مُسيسة لكنه لم يذكر تلك المصادر التي أخذ منها معلوماته، وهنا قد خالف هو ما نصح به غيره من قبل.
لم يقدم الكاتب أيّ حلول للمشاكل التي طرحها، طبعاً هو وعد القراء بطرح الحلول في روايات أخرى ستصدر للكاتب لاحقًا، وذلك في بث مباشر على اليوتيوب له تحدث به عن رواية أرض السافلين ورواية أنتيخريستوس.
في نافذة الإلحاد التي تحدّث فيها عن الدين بطريقة غير علمية أقرب إلى الخطابية عكس ما يعاني منه المدافعون عن الدين الإسلامي من غياب المنهجية العلمية والحجة والدليل، وهذا يشكل عائقًا أمام نشر هذا الدين بطريقة تليق به.
أرض السافلين قد تكون موجودة لكنها ليست كما صورها الكاتب فهي الحكومة الموحدة للعالم.