بقلم : إسماعيل المطير“ما أغباني” كلمة يرددها في نفسه كل من كان ضميره صاحياً منذ بداية الثورة، من طلاب الثانويات والجامعات السورية.”هل كان ضرورياً أن يصحو ضميري مبكراً ؟!! … لو أنهيت دراستي أولاً !! ” … هذا ما يقوله في نفسه كل طالب جامعي ترك دراسته والتحق بالثورة فصار مطلوباً عند فروع الأمن.”لا دراسة ولا تدريس… حتى يسقط الخسيس” هو شعار أطلقه بعض الناشطين، وطبقه المساكين فقط، وعضوا أصابعهم ندماً بعد أن رأوا ما رأوا من الإقصاء والتحييد والمزاودات من منتحلي الثورة والمتسلقين عليها.صار إكمال الدراسة حلماً لكل منهم، لعله يجد ذاته التي ما زال يبحث عنها منذ بداية الثورة، الثورة التي لم تعد براقة كما كانت، الثورة التي فقدت روحها وعلا وجهها التراب، واستبدلت بثورة المال والسلطة والمناصب والكراسي … حتى قبل أن تنتصر.كل منا يعلم أن “من ينجز نصف ثورة كمن يحفر قبره بيديه”، ولكن على ما يبدو أن تلك القاعدة تطبق فقط على الثوار الحقيقيين، أما ثوار اسطنبول وغازي عنتاب و و و …. فما عاد أكبر همهم انتصار الثورة بعد أن ذاقوا من الترف والغنى ما لم يحلموا به من قبل، ولم يعد أكبر همهم حل مشاكل الملايين من المهجرين، والملايين من اليتامى، ومئات الآلاف من الأرامل والثكالى، والآلاف من طلاب الجامعات المنقطعين، ومشاكل آلاف الموظفين الذين تركوا مصدر رزقهم ليلتحقوا بالثورة التي ظنوا أنها منصفتهم من الظلم والفساد، ومصائب الجائعين المحرومين من شعب سورية في الداخل والخارج.كل أولئك صاروا وقوداً لثورة يأكل المتسلقون من لحمها حتى التخمة، في انتظار انتصارها على أكتاف من بقي من المساكين ودمائهم.لا ندري ماذا يفعل أعضاء الائتلاف في تركيا، ولا ندري ما يفعله أعضاء الحكومة التي “لا أرض لها” هناك غير ملء الجيوب بالدولارات، في حين يذوق الشعب في الداخل السوري كل ما يخطر في البال من الموت والجوع والتشريد، هذا إن لم نذكر المذلة على أبواب مكاتب الإغاثة.طلاب الجامعات ممن انقطعوا عن الدراسة لم يهتدوا إلى سبيل لإكمالها، فلا الحكومة المؤقتة حلت لهم مشكلتهم، ولا هم استطاعوا إكمال دراستهم في جامعات النظام بعد أربع سنوات من الثورة ضاع فيها مستقبلهم، وتحطمت آمالهم.وحتى الجامعات التركية لها طلبات شبه تعجيزية ممن يرغبون بالدراسة فيها:”توصيف مواد”… هذه سهلة، ” كشف علامات” … ومن من الثوار بمقدوره استصدار كشف علامات ؟؟!!!! “بيان بالحياة الجامعية” … هذه مصيبة أشد من سابقتها، “جواز سفر” … وامصيبتاه!! إذاً: اذهبوا إلى الجحيم…فلا مكان لكم!!ماذا سيفعل هؤلاء عندما يكتشفون أن من يستطيع إكمال دراسته في تركيا هو ذاته الذي يستطيع إكمالها في جامعات النظام؟؟!! وهل سيشعرون بغير الأسف والندم على الثورة التي أفسدها المتسلقون؟!حتى المؤسسات “الثورية” لا تعترف بهم، فلو طلب أحدهم -مثلاً-العمل في مجلس محلي من تلك المجالس -وما أكثرها-، فإنهم سيطلبون شهادته ليعتذر عند ذلك بأنه طالب جامعي في السنة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة، وهو منقطع منذ ثلاث سنوات، ولديه إثباته، فيأتيه الرد: “إذاً، شهادتك ثانوية، وسنعاملك على أساس ذلك”، هذا إن قبلوا بتوظيفه أصلاً.كل تلك المؤسسات على تلك الشاكلة: ” شهادتك” … “لم أتخرج، بقيت لدي مادة”… “إذاً، Get out!! “.ما ذنب هؤلاء حتى يعاقبهم النظام، ثم يعاقبهم من امتهن الثورة؟!! … وهل ذنبهم صحوة ضميرهم؟!! … إن ذلك لمن العجب العجاب!!.ملاحظة: أعرف أحدهم “تاب” وقام بتسوية وضعه عند النظام ثم أكمل دراسته وتخرج … وأصبح بنظر المتسلقين …”شبيحاً”.كفاكم متاجرة باسم الثورة، فقد سرقتم اسمها، وبعتم مبادئها، وقتلتم روادها، وخذلتم أهلها، وآن لنا أن نقرأ على روحها … “الفاتحة”.