عبد الملك قرة محمد |
إنه لمن العار أن يخرج أحد قادة الفصائل العسكرية المقاتلة في إدلب ليعلن أن ما تم تداوله عن دعم للفصائل بسلاح نوعي في إدلب ما هو إلا رفع للخطوط الحمراء التي كانت تقيد استخدام الثوار لبعض الأسلحة.
مصطلح الخطوط الحمراء يكاد لا يغيب عن أي محفل سياسي أو عسكري يخص سورية وإدلب.
الخطوط الحمراء التركية التي يتحدث عنها المسؤولون الأتراك وفي مقدمتهم الرئيس التركي أردوغان تمر اليوم عبر إدلب كما مرت عبر حلب وغيرها من المحافظات السورية سابقاً ولا يوجد أي دلائل تشير إلى تطور بالموقف التركي تجاه روسيا والنظام السوري اللذان ينسفان الحلول والاتفاقيات السياسية يومياً، هذا إن اعتبرنا أن اتفاقات سوتشي وآستانة لم تسفر عمَّا نشاهده اليوم من سيطرة سريعة للنظام السوري على مناطق واسعة من إدلب.
وعلى ما يبدو أن الخطوط الحمراء لم تعد اليوم وافية كي تحفظ ماء وجه تركيا أمام هذا الانتهاك السافر للاتفاقات الدولية، لذلك فقد صرح أردوغان يوم أمس عن احتمال إطلاق عملية عسكرية في إدلب إذا ما استمر النظام بعملياته العسكرية في إدلب لأنها، وبكل صراحة، تؤثر أولاً على نقاط المراقبة التركية، وثانياً على المدنيين الذين كانت حمايتهم الهدف الرئيس لهذه النقاط التي أصبحت شبيهة بالنقطة كعلامة ترقيم تقف عند آخر ما يمكن أن يصل إليه نظام الأسد.
عملية عسكرية تركية في إدلب ضد نظام الأسد! مجرد التفكير بهذا الأمر هو ضرب من الخيال، وسيعتبرني البعض مبالغاً لو قلت إنه أمر مثير للسخرية.
السبب الأول أن الرئيس التركي قبل أن يتحدث عن العملية العسكرية أكد أن وجود الأتراك في سورية هو بحسب اتفاقية أضنة أي (لا يمكن أن يقوم أردوغان بأي عملية عسكرية لم تنص عليها اتفاقية أضنة).
السبب الثاني والأهم الذي لا يجب أن يغيب على أي عاقل أن روسيا ما كانت لتزود تركيا بمنظومة S400 وغيرها وتطلق معها مشروعات اقتصادية مختلفة لو أنها لم تحصل على ضمان أن تركيا لن تكرر خطأها بإسقاط طائرة روسية أو حتى اتخاذ فعل معادٍ ضد الوجود الروسي بالشرق الأوسط.
أكد أردوغان أيضاً أنه لن يقبل بالتخيير بين النظام السوري والتنظيم الإرهابي (قسد) ناسياً أنه قبل هذا التخيير سابقاً عندما أطلق عمليات عسكرية شمال حلب وشرقها ضد قسد عقب سيطرة النظام السوري على حلب فضَّل فيها ومن بعده الجيش الوطني تقديم التخلص من تنظيم قسد على التخلص من النظام السوري أو التفاوض معه سياسياً بما يقضي بحماية المدنيين، لكن التفاوض معه لم يتعدَّ بعض عمليات مبادلة أسرى وتنسيق مشترك بعيدٍ كل البعد عن إدلب.
الخطوط الحمراء يا سادة ما هي إلا أسطوانة مشروخة صنعها الساسة فوق رؤوس السوريين لا سيما العسكريين منهم حتى غدت حجاباً بينهم وبين وطنهم، وإلا فكيف يمكن لفصيل أن يمسك أصبعه عن ضرب زناد سلاح لأن استخدامه محجوب بالخطوط الحمراء وهو يرى أهله ووطنه يهجر ويقصف بمئات الأسلحة ليس فقط التي عليها خطوط حمراء بل المحرمة دولياً.
ومع كل خط أحمر يُطلق هنا وهناك نجد تمدداً للمساحة الحمراء (سيطرة النظام) على الجغرافية السورية.
إذا اعتقد أحدكم أن هذا الكلام فيه شيء من المبالغة أو ربما (الطعن) فليراجع فيديوهات المقاتلين الذين ناشدوا قاداتهم وهم ينسحبون من القرى: (أين الثقيل أين المضادات)؟
لا يجب أن ننكر أن العتاد العسكري للنظام في هذه المعركة كبير جداً وقد يكون ما نراه نتيجة واقعية لمبارزة بين رصاصة وصاروخ فراغي أو بين قنبلة ومئات الراجمات ومن أمامهم ثاني أقوى دولة في العالم وعشرات المليشيات الإيرانية واللبنانية وغيرها، لكن رغم ذلك فإن الإيمان بالقضية والعمل الخالص لأجلها لا بد أن يؤدي لواقع أفضل والأيام قادمة.
1 تعليق
احمد
تحليل رائع أستاذ عبدالملك ، يلامس الواقع ويضع الناس أمام المصير المحتم الذي ينتظرهم إن استمر الوضع على ما هو عليه ، أردوغان مجرد تاجر حرب لا يختلف عن قطاع الطرق واللصوص . فسرقة الثورة السورية كانت من ألذ ما سرقه هذا الفاسق المنافق المتحدث باسم الإسلام والمسلمين