صلاح الدين الإدلبي*
قال الزمخشري في كتاب الكشاف، والعهدة في النقل عليه: [ولما خالط الزُّهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين: “عافانا الله وإياك –أبا بكر- من الفتن، فقد أصبحتَ بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمك، أصبحتَ شيخاً كبيراً، وقد أثقلتْك نِعَم الله بما فهّمك الله من كتابه وعلّمك من سنة نبيه، وليس كذلك أخْذُ الله الميثاق على العلماء، قال الله سبحانه: {لتُبيّنُنّه للناس ولا تكتمونه}، واعلم أن أيسر ما ارتكبتَ وأخفّ ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم، وسهّلتَ سبيل الغيّ، بدنوّك ممن لم يؤدِّ حقاً ولم يترك باطلاً حين أدناك. اتخذوك قطباً تدور عليك رحى باطلهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلائهم، وسُلّماً يصعدون فيك إلى ضلالهم، يُدخلون الشك بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسر ما عمروا لك، في جَنْب ما خرّبوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك، فما يُؤَمّنك أن تكون ممن قال الله فيهم: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً}؟!، فإنك تعامل من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغفُل، فداوِ دينك فقد دخله سقم، وهيئ زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء، والسلام”].
قال مقيّده [صلاح الدين] عفا الله عنه: إذا كان قد قيل هذا فيمن يخالط أولئك، فما حال الذين يخالطون المجرمين الفجرة في زماننا ويزينون لهم ما هم عليه من البطش والفجور؟!.
نسأل الله السلامة.
* صلاح الدين الإدلبي: من علماء الحديث، أستاذ في عدد من الجامعات، وهو ابن الشيخ أحمد الإدلبي. وُلد في مدينة حلب سنة 1367هـ = 1948م ونال الدكتوراه في العلوم الإسلامية والحديث من دار الحديث الحسينية بالمملكة المغربية سنة 1980م.