(فشل مؤتمر سوتشي)، نتيجة فرحنا لها كرافضين له، منصات التواصل الاجتماعي مليئة بالترهات حول إرادة الشعب، وكيفية اضطرار المفاوضين للاستجابة، وتعرية سوتشي وإفشاله قبل أن ينعقد، و …
حتى أن بعض كبار المعارضين اعتبر أن روسيا خسرت الحرب، فلنهنأ بالانتصار في هذه الجولة، وكأن ميداناً في عقر دار الروس لم نحارب فيه أصلاً كفيلٌ بتحقيق نصرٍ كنَّا قد خسرناه مرات عديدة في الميادين التي تهتز من تحت أرجلنا كأي شيء آيل للسقوط لا محالة.
لا أعرف ماذا يعني رفض الحضور بسبب عَلَم لا تعجبنا ألوانه، أو تصريحات مستفزة، أو كبرياء متوهمة ضد عدو رضينا أن نصعد باصاته تحت حمايته ونحن نُهجر من أجمل المدن وأغلاها على قلوبنا.
تفاهة كبيرة أن نختصر مصير شعبٍ كاملٍ ببعض الشعارات، يجب أن نرفض، لكن يجب أن يكون الرفض لائقاً بالشعب الذي نودُّ تمثيله، نرفض لأننا نعرف أن ما يذهب إليه المؤتمر ليس محل تفاوض، ويجب أن نفهم سياقات سوتشي ونرفض الذهاب إليها لأنها لا تخدم قضيتنا، لا من أجل عَلَمٍ واجتماعٍ في أرض عدو، نحن نحارب بطريقة غير متكافئة ونقبل بهذا العدو في مسارات أخرى كأستانا وجنيف وفينَّا والرياض أخيراً، فمن الهراء رفضه في سوتشي.
لقد فشل المؤتمر، لكن النتيجة تمّ إقرارها، وبدأ العمل على تشكيل لجنة دستورية سيكون النصيب الأكبر من ممثليها للنظام كما يُسرب، وقد قام ديمستورا ممثل مسار جنيف الذي نحبه لأنه تحت وصاية الأمم المتحدة التي تشغل فيها روسيا أحد (فيتوات) مجلس أمنها، بالموافقة على خطة اللجنة، وتم البدء بإجراء اتصالات من أجلها، وسيبدأ العمل من خلالها بالسلال الأربعة التي وضعها ديمستورا كبديل للعملية التفاوضية الكاملة في جنيف5.
لستّ مهتما بسرد التفاصيل الآن، الإنترنت مليء بالمعلومات لمن يود المعرفة، لكن على من رفض سوتشي من أجل الشعارات أن يستمر بالمراقبة ليعرف كيف سيتعامل مع النتائج، ربما نربح لعبة الرفض في النهاية ونرفض جنيف وغيرها أيضاً، لكننا نُضيِّع الوطن.
ما يجري في ميادين القتال والمواجهة بحاجة إلى كثير من الدراية والدراسة قبل تصدير قرارات حماسية يُثبت العالم الذي نعيش فيه أنه يتجاوزها بسهولة من أجل مصالحه، ويتركنا نكمل الصراخ ونشوة البطولة.
لكي تحارب وتمنع الآخرين من تجاوزك عليك أن تتمهل كثيراً لكي تصنع من نفسك عقبة راسخة، فالتدحرج سيجعلك معرضاً لكثير من الركلات المجنونة، حتى إن حققت الهدف فلست سوى كرة تتقاذفها الأرجل.
المدير العام | أحمد وديع العبسي