بقلم إبراهيم الكرمو
لم تكن الآبار هي الملاذ الأول في فترة البدايات التي دخلت فيها الثورة، إذ إنَّ المياه كانت تصل إلى جميع المنازل، حيث يتم ضخها من الشركات العامة الخدمية في الأنابيب بعد تعقيمها وتنقيتها عبر البرك الرملية (المصافي)، ووضع المواد الكيميائية، وبهذا تصل إلى المواطن وهي صالحة للاستهلاك وتكون صحية بشكل كامل تقريباً.
أما اليوم وبعد انقطاع التيارات الكهربائية التي تعمل عليها مضخات المياه، وبعد توقف الشركات العامة الخدمية عن عملها، أصبحت الآبار الخيار الوحيد للمواطنين لتأمين مياههم، فقامت بعض الأحياء والقرى بتجهيز الآبار ومعداتها اللازمة لتشغيلها كي تقوم بتغذية الأنابيب الواصلة إلى المنازل.
ففي مشروع تروِية لجمعية الأندلس التابعة لبلدة أورم الكبرى في الريف الغربي، قام أبو شعبان المشرف على هذا المشروع بتفعيل دور البئر على مولدة كهربائية قدمتها منظمة دار، إذ يؤمن هذا البئر المياه لـ 90 عائلة تقريباً وذلك عن طريق تشغيل المولدة ساعتين في اليوم.
تحتاج هذه المولدة 15 لتر مازوت من مادة المازوت ضمن فترة تشغيلها يومياً، كما تحتاج لتغير مادة زيت المحرك كل مئة ساعة من العمل، وكذلك تغير مصفاة الزيت والمازوت كل مئة ساعة من العمل أيضاً،ويتم تغطية تكاليف تشغيل هذه المولدة من خلال جمعها من المنازل التي يتم ضخ المياه إليها وذلك عن طريق الجباية الشهرية من كل أسرة بمبلغ يقدر 3000ل.س شهرياً، ويتم حسم 1500ل.س للعائلات الفقيرة منها.
علماً أنَّ هذه المياه المستخرجة يتم تعقيمها بمادة الكلور وفق دراسة دقيقة من الخبراء ومهندسين مختصين، بحيث تصل للمواطن صالحة للشرب تماماً وذلك عن طريق أنابيب ممددة للمنازل.
وقد تحدث بعض المواطنين عن هذا المشروع عند لقاء حبر معهم، حيث يقول أبو عمار: ” إنَّ هذا المشروع مشروع خدمي بامتياز، وإنَّ كميات المياه التي تضخ يومياً كافية وصحية “.
وقال ايضاً أبو حسن: “رغم الجباية الشهرية إلا أنَّ هذه الخطوة توفر لنا الكثير من المال والتعب في آن واحد”.
يعتبر هذا المشروع الخدمي ناجحا بامتياز في ظل تغيب الشركات الخدمية عن مهمتها في العمل الخدمي، ومما يتوجّب على جميع القرى والأحياء المحررة التي تعاني من تأمين مياهها تنفيذ مثل هذا المشروع المنظم الذي يوفر الراحة للمواطن في تأمين حاجته الملحة للمياه، وسد هذه الثغرة كما لو أنَّ الشركات لازالت قائمة على عملها.