بقلم : أبو نايفتحمل لنا رياح الشمال كلَّ أنواع التضامن والحب والشوق ممتزجةً برائحة الكافيار المشوي والبطاطس المقلية والشاورما الحارة.يتمدد عضو الائتلاف السوري في المياه الدافئة بحمَّام واسعٍ تقارب مساحته مساحة خَمس خيم من خيم النازحين السوريين، وهذا الحمَّام مزود بشاشة تلفزيونية مسطحة (سوبر بلازما) يتابع عليها أخبار بلاده المنكوبة، فيرى الدماء والأشلاء والدَّمار، وعندما يشعر بغصة يتبعها برشفةٍ طويلة من مشروب الطاقة الروسي(VODKA).ينهي (العضو) استحمامه في الفندق الذي يتوسط إستانبول، ينزل بسرعة متجهًا إلى اجتماع مُهم من اجتماعات تأسيس الحكومة التاسعة أو العاشرة، لست أدري، يمرُّ على (الريسبشن) فيدس له ثلاثة آلاف دولار أجرة الغرفة مع مئتي دولار بقشيش، يتجه السائق مسرعًا نحو السيارة السوداء (المفيمة)، فيفتح الباب وابتسامة صغيرة مصطنعة ترتسم على وجهه، يحط عضو الائتلاف رحله بعد رحلة طويلة في إحدى المدن التركية لمناقشة وضع الحكومة التي ستنقذ الشعب ممَّا هو فيه.ما إن يبدأ الاجتماع حتى تتعالى الأصوات حول أهم أمر وأخطر بند، وهو ميزانية الائتلاف المالية وما يتفرع عنها من رواتب الأعضاء وصرف الفواتير الضخمة للفنادق والمطاعم والمقاصف والنوادي.. إلخ.تقدم الجهات الداعمة أموالها مرفقة بورقة صغيرة فيها ما فيها من تنازلات وامتيازات غربية مشبوهة على حساب دماء السوريين، ومن دون توقف يوافق الائتلاف على ما جاء في الورقة المرفقة.وعلى الفور تشكل الحكومة ويتسلم الوزراء حقائبهم ومستحقاتهم وما يتفرع من موظفين مساعدين وسكرتيرات، وترصد لهم رواتب فلكية بالدولار لأنَّهم لا يتعاملون بالليرة السورية التي يصدرها النظام المعادي.تظهر الحكومة بمظهرها اللائق الملمع للإعلام، وقد توافقت على الحقيبة بسرعة مبشرةً الشعب السوري المنكوب بالحكومة السورية على الأراضي التركية.بعد يوم متعب يعود أعضاء الائتلاف إلى فنادقهم وزراءَ ورؤساءَ وفي جيوبهم ثمن ما باعوه من دماء السوريين، فيتابعون الفلم السوري الطويل، ويشاهدون القتل والتشرد والألم، ويمرون على معاناة السوريين المواطنين ونقص الذخيرة وإضرابات المجلس المحلي في حلب والطبابة الشرعية والدفاع المدني وعمال النظافة الذين لم تصرف رواتبهم منذ أكثر من شهرين، فيرسلون لهم دعمهم وتقديرهم لجهودهم عبر رياح الشمال المتوجهة إلى بلادهم.