لستُ سياسياً محنكاً، ولا أدَّعي ذلك، وليس لدي معلومات حول ما يجري على الساحة السياسية والعسكرية في سورية، إلا ما يتمُّ بثُّه على وسائل الإعلام ويعرفه كلُّ الناس.
لكن من حقي أن أتساءل عن الأهداف التي حققتها المعركة الأخيرة في ريف حماه، غير خرقها لاتفاق أستانة، بدون طرح أي بدائل أخرى أو القدرة على تحقيقها.
كما أنَّني لا أعتقد أنَّ اتفاق أستانة جيد، أو منصف، لكنَّه كان اتفاقاً للتهدئة التي يجب ألَّا يكون هناك بديل عنها سوى تحقيق الانتصارات، أو على الأقل المعارك ذات الجدوى والأهداف الممكنة التي يمكنها تحسين شروط الاتفاقات القادمة على الأقل، وليس فقط الزعرنة العسكرية من بعض الفصائل التي لم تجلب سوى القصف والدمار لمناطق التهدئة.
ما جلبته المعركة هو لا شيء، أو بالأحرى لا أحد يعرف أين هي المعركة، هل هي مستمرة؟ هل توقفت؟ هل حررت أي أرض؟ لا نعرف شيئاً على الإطلاق، سوى أنَّ هناك قتال غوغائي محتدم، ربَّما يضر بالثورة، وربَّما يفيد، المشكلة الكبرى أنَّنا لا نعرف … ونحن فقط المدنيون قد دفعنا الفاتورة كاملة بدمار كبير، ودماء كثيرة دون أن نعرف لماذا نموت، هل كان ما نموت من أجله ذا قيمة؟ … ربَّما!!
يخرج كلُّ قيادي فصيل لم يتجاوز عقله سنَّ الحلم، ويتحدث كأنَّه قائد الأمة، يبشر الناس بالجنان ويطالبهم بالصبر دون أن يخبرهم لماذا؟ أو ما المشروع الذي سيبذل الناس دماءهم في سبيله؟ سوى تسوير قيادته بمزيد من الجثث، وإظهاره وفصيله بمظهر الأبطال.
يا سادة، أنتم يا من تحملون السلاح، افعلوا ما يعيد الثقة بكم، لم يعد أحدٌ يثق بكم بعد كلِّ هذا الارتهان للمشاريع الخارجية، جميعكم مرتهنون، سراً وعلانية، فلا تحاولوا المزاودة، هذا الشعب بعد سبع سنوات من الثورة لم يعد ساذجاً، صار يعرفكم جيداً، فكونوا صادقين معه، أخبروه أنَّكم تصنعون تحالفات ما، لأنَّنا نأخذ بالأسباب ولا يمكن أن نقاتل العالم وحدنا، ولم نخرج أصلاً لنقاتل العالم، لقد خرجنا في ثورة ضد الظلم والاستبداد في سبيل الحرية والعدل، فكفوا عن تحميلنا أهدافكم الوضيعة التي نقاتل في سبيلها على أساس أنَّها أهداف سامية، إنَّها لا تعنينا أبداً، ما يعنينا، وما نشعر أنَّه يستحق الموت، هو العدل والحرية فقط، أمَّا هرطقاتكم الإيديولوجية فسنحاربكم عليها يوماً، ولن نرضى بها أبداً.
أمرٌ أخيرٌ على سبيل التذكير:
لهذه الثورة حلفاء قلّة جداً، لسنا مستعدين أن نخسرهم من أجل مغامرات بعض الصبية، نحن مضطرون جداً لأن نثق بهم، لأنَّ الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وإن حملتهم الناس على ما لا يطيقون، سيحملونكم على ما تكرهون، ..
والسلام …
المدير العام | أحمد وديع العبسي