منيرة بالوش |
لا تدري “أم أحمد” أيهما يسبق الآخر، اسمها في مكتب الدور لدخول تركيا كي تتابع علاجها من سرطان الثدي، أم أجلها الذي يُنهي معناتها منذ سنتين؟!
تعاني معظم النساء المصابات بمرض السرطان في الشمال السوري من صعوبة فائقة في رحلة العلاج من المرض، وذلك لندرة وجود مراكز متخصصة بتشخيص وعلاج الأورام السرطانية الخبيثة، ممَّا يضطر المريضات للسفر إلى مناطق النظام أو الأراضي التركية لتلقي العلاج.
وهذا ما حدث مع “أم أحمد” التي عانت كثيراً في رحلة علاجها من المرض، فكانت تسافر بداية مرضها إلى اللاذقية، بعد عملية جراحية استؤصل فيها الورم لتبدأ بعدها مرحلة العلاج الكيماوي، تقول: “إنها تحتاج إلى جرعة كل 15 يومًا، وإجراء عدة تحاليل تصل كلفتهم في كل مرة إلى أكثر من 400 دولار بالإضافة إلى نفقات الإقامة”
ثم تابعت حديثها بغصة: “رحلة العلاج من مرض السرطان أشد من الوجع نفسه الذي يأكل جسدي رغم أن شعري تساقط كلياً بعد الجرعات الكيماوية، والألم يزداد أكثر كل مرة، أصبحت أتمنى الموت كي أرتاح لكن أولادي يصرون على إكمال علاجي”.
واليوم تنتظر (أم أحمد) دورها منذ أسبوع بعد تدهور حالتها الصحية ووصولها إلى مرحلة ميؤوس منها في مكتب الدخول عند معبر باب الهوى.
تفتقر مناطق الشمال المحرر من مراكز متخصصة بعلاج الأورام السرطانية، باستثناء المركز الوحيد الذي تأسس في تشرين الثاني 2018، وهو عبارة عن قسم خاص في مشفى إدلب المركزي أو ما يعرف “بالمحافظة”، وهو أول مركز طبي يعنى بعلاج الأورام السرطانية، يقصده المرضى من كافة أنحاء إدلب وأرياف حماة وحلب.
يقدم المركز استشارات طبية لكافة مرضى الأورام السرطانية بمختلف أنواعها بشكل مجاني، غير أنه يختص بتقديم العلاج شبه الكامل لنوعين من الأورام وهما: سرطان الثدي، وسرطان الدم والعقد اللمفاوية.
الطبيب (أيهم أرمنازي) مدير المركز وطبيب الدم والأورام قال في حديثه لصحيفة حبر: “إن سرطان الثدي أكثر أنواع الأورام انتشاراً عند النساء، ويمر بثلاث مراحل لعلاجه، بدءًا من العلاج الجراحي والعلاج الهرموني الذي تحتاجه أغلب أنواع سرطان الثدي، وهذا النوع الوحيد المتوفر بالمركز، وأما العلاج المناعي والشعاعي فهما غير متوفرين حالياً.”
ويحدثنا الدكتور “أرمنازي” عن مسببات وأعراض سرطان الثدي، مشيراً إلى أن هناك عوامل مهيئة له، منها الوراثة وخلل بهرمون الأستروجين، وزيادة الوزن وارتفاع نسبة الدهون بالجسم التي تزيد من فرص الإصابة به، كما يساهم التعرض للإشعاعات الضارة بزيادة احتمالية الإصابة بالمرض.
ومن أبرز أعراض الإصابة بالورم؛ ظهور كتلة بالثدي، ودخول حلمة الثدي للداخل، بالإضافة إلى ظهور عقد تحت الإبطين، كذلك تجعد وتغير جلد الثدي، يرافق هذه الأعراض وهن عام وانعدام الشهية، والشعور بالتعب والإرهاق.
شعرت “سعاد” 43 عاماً، من مدينة سراقب بألم في صدرها، وبروز كتلة غريبة في ثديها الأيمن، واكتشفت إصابتها بالمرض بعد إجراء عدة تحاليل، تزور اليوم مركز العلاج في مدينة إدلب، بعد استئصال الورم بعمل جراحي، لإكمال مراحل العلاج، تقول: “إن المركز أمّن لها بعض الجرعات المطلوبة، وتكفلت هي بشراء البعض الآخر رغم ظروفها المالية السيئة، وارتفاع تكلفة الجرعة الذي يصل لأكثر من “100” دولار إن كانت من الدواء الهندي، أما الأوربي فهو الأغلى ثمناً وأكثر جودة وهذا مالم تستطع تأمينه.”
تأتي “سعاد” إلى المركز لمتابعة علاجها برفقة ابنتها وتعود إلى مدينة سراقب، وهي ممتنة لوجود مركز في المنطقة كيلا تضطر للسفر إلى تركيا أو مناطق النظام لإتمام علاجها وترك عائلتها وأطفالها وحدهم، فضلاً عن تحمل تكاليف ومشقة السفر.
انتهى “تشرين الأول” شهر التوعية بمرض سرطان الثدي، المعتمد عالمياً، ولم تنتهِ معاناة النساء المصابات به، كما لم تظهر في شوارع إدلب شعارات اللون الزهري المصاحبة لحملة التوعية، وغابت الحملات التوعوية بهذا المرض عن كافة الشمال السوري.