هؤلاء الحالمون بنظام سلطوي يتوقون الاندماج به والذوبان فيه، هم دائماً الجسور الممدودة نحو الطغيان والاستعباد. يحسب هؤلاء العقائديون ذوو التعابير العسكرية المأخوذة من قاموس المصارعة والملاكمة أنهم يعملون لغد أفضل!، لدولة خالية من الظلم والفوضى والرجعية. الواقع هو أنهم، من حيث يدرون أو لا يدرون، يضيقون بحريتهم، لذلك يحلمون بتسليمها إلى من يسحقهم. إلى من يسحق الجميع، بمن فيهم هم (ولو كانوا في البداية من الساحقين)، فيرتاحون من عبء الحرية في مجتمع لا يعود فيه أحد حراً ليعيّرهم…أنسي الحاج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولطول إلفنا بالطاغية لآلاف السنين، لم نعد حرجا ولا غضاضة في الحديث عن ((إيجابياته))، وما فعله من أجلنا من جليل الأعمال. ولست أجد ردا أبلغ من قول السيد المسيح: “ماذا يفيد الإنسان لو أنه ربح العالم كله وخسر نفسه؟!”، فحتى لو افترضنا أنّ له إيجابيات ((هائلة)) فما قيمة هذه الإيجابيات إذا كان ثمنها تدمير ((الإنسان)) وتحطيم قيمه، وتحويل الشعب إلى جماجم، وهياكل عظمية تسير في الشارع منزوعة النخاع، شخصيات تافهة تطحنها مشاعر الدونية والعجز واللاجدوى؟ أيكون ما فعله طغاتنا من إيجابيات أكثر مما فعله هتلر الذي اجتاح أكثر من نصف القارة الأوروبية، بل احتل بعض دولها في ساعات قلائل؟! ثم.. ترك ألمانيا تحتلها أربع دول! كلا! لا قيمة لإيجابيات الطاغية –بالغةً ما بلغت- لأن الثمن باهظ جدا: ضياع الإنسان!”من كتاب الطاغية: / د. إمام عبد الفتاح إمام