تحرير: أحمد رجاء الشامي
(ملهم مصري) شاب سوري من مواليد مدينة حلب عام 1997، التقته صحيفة حبر ضمن تغطيتها لقصص السوريين في المهجر، يحكي لنا قصة تفوقه في جامعة غازي عنتاب، وتخرجه بمرتبة الشرف، كيف بدأت منذ أن كان في حلب وحتى لحظة حصد ثمار الجد والتعب.
يروي ملهم: “غادرت حلب عام 2012 بعد تقديم امتحان الشهادة الإعدادية ضمن ظروف قاسية عاشتها مدينتي وأسرتي في رمضان 2012 بسبب القصف والقنص في المدينة، قبل الثورة في المرحلتين الابتدائية والاعدادية كنت إلى جانب دراستي متطوعاً لدى جمعية التعليم ومكافحة الأمية وجمعية من أجل حلب إضافة إلى ممارسة رياضة السباحة، هذا التطوع والأنشطة المرافقة له كانت تمنحني حافزاً مستمراً من أجل التفوق الدراسي؛ لأنها كانت تجعلني أقرب إلى المجتمع الذي أعيش فيه، واقرب لهمومه والتحديات التي تقف في طريقنا من أجل النهوض به، وبذلك استمر تفوقي الدراسي في كافة المراحل، وفي بدايات الثورة كنت في الصف التاسع أي الشهادة الإعدادية، ورغم الظروف المذكورة أعلاه، تمكنت من تحقيق مجموع عالٍ فيها 296 /310
في يوم جمعة بتاريخ 24 آب 2012 وبعد ضغوط كبيرة على والدي وتحذيرات مستمرة له اضطررنا لمغادرة سورية باتجاه الأراضي التركية، وبالفعل غادرنا في ذلك اليوم خلال ساعتين بعد اتصال تحذيري لوالدي من احتمال اعتقاله.
الحمد لله في تركيا عشت حالة من الاستقرار، لا مشاكل تكاد تذكر، وهذا ما ساعدني على متابعة دراستي بشيء من المرونة وتمكنت مع أختي من دخول جامعة غازي عنتاب بسنتين متتاليتين، حيث تمكن كل منا من اجتياز الثانوية العامة بتقدير عالٍ وفحص المعفيات في اللغة الإنكليزية، مما وفر علينا سنة دراسية كاملة هي سنة اللغة.
بدأت قصة التفوق من السنة الأولى في الجامعة، وعندما نجحت من السنة الثانية إلى الثالثة بتقدير ممتاز، وقعت في حيرة، فقد تمّ منحي فرصتين، الأولى: أن أذهب إلى أوربا في تبادل طلابي لمدة عام، والأخرى: اختيار فرع ثانٍ لاستكماله مع فرعي في الهندسة المدنية، وبعد تفكير واستشارة اخترت ما هو إستراتيجي بالنسبة إلي، وهو أن أدرس فرعًا ثانيًا، واخترت الهندسة الصناعية التي تُعدُّ متميزة بالإدارة الهندسية.
كان تحدياً كبيراً بأن أنهي دراسة الفرعين في السنة نفسها، وهذا ما حصل رغم انشغالاتي في أنشطة المجتمع المدني من خلال مبادرة كنت ضمن مؤسسيها وهي مبادرة “مَسير” والتطوع في منظمة مدنيون للعدالة والسلام.
ساعدني في خوض هذا التحدي قناعة حكاها لنا بروفيسور في علم الاجتماع قابلته في السنة الأولى، وهي “أن الدراسة الجامعية في فرع واحد تستهلك 20 % من وقت الطالب كي يتفوق” وفعلاً عندما قمت بتجربة ذلك وجدت نفسي أجتاز فرعي الهندسة بسهولة، والحمد لله تخرجت بمرتبة الشرف العالي بالدرجة الأولى من الهندسة المدنية وبمرتبة الشرف في الهندسة الصناعية.
لا أنسى في هذا السرد أن أشكر جامعة غازي عنتاب التركية التي احتضنتني وزملائي السوريين ووفرت لنا مقاعد في كلياتها، وأتوجه بالشكر أيضاً لجميع الأساتذة الذين قدموا لنا معرفتهم.
وأتوجه بالنصح لجميع الطلاب السوريين في تركيا بأن الفرصة كبيرة أمامهم، وعليهم ألا يهدروا أوقاتهم دون جدوى، فالوقت مبارك لمن ينوي العمل والاجتهاد.
ومن الحوافز التي كانت خلفي دائماً في دراستي وأنشطتي هي أنني أرى سورية أمامي، وأمام الشباب السوري الفرصة الكبيرة ليزرعوا ما حصدوا من علم ومعرفة في مستقبلها وعسى أن يكون هذا المستقبل مزهراً للنهوض بوطننا الذي نحبه.
وأخيراً يجب أن أتوجه بالشكر الكبير لمن وفرّ لي الدعم الأكبر والاحتضان الأمثل “أسرتي الغالية” أمي في البداية وأبي وأختي وأخي الذين دأبوا على مرِّ السنين الماضية بتقديم كل أنواع الدعم المعنوي والمادي فكانوا هم الطريق لتحقيق هذا النجاح.”