قبل أن تسيطر قوات النظام على الأحياء الشرقية من مدينة حلب، وتُهجر سكانها، تعرضت الأحياء لقصف عنيف شنه طيران النظام والطيران الروسي، حين كانت حلب خاضعة لفصائل الثوار، ودمرت أكثر من “مئة ألف” منزل تدميراً كاملاً وحسب الإحصائيات فإن أكثر من ٨٠% من أبنية حلب متصدعة وآيلة للسقوط.
فقد انهار الشهر الماضي بناء في حي الصالحين في حلب ومن المتوقع تزايد عمليات الانهيار أكثر لكثرة تصدع الأبنية دون الاهتمام من مسؤولي نظام الأسد.
وأدى انهيار آخر لوفاة “أحد عشر” شخصاً الاسبوع الماضي في حي صلاح الدين غربيّ حلب مؤلف من أربعة طوابق، ومن بين القتلى خمسة مدنيين من عائلة واحدة وكذلك انهارت عدة أبنية سكنية في أحياء كرم الجبل، والفردوس، والشعار، وحي السكري، مات نتيجتها أكثر من عشرة مدنيين وعشرات الجرحى.
وحسب مجلس مدينة حلب التابع للنظام وقائد شرطة المدينة أن “المبنى المنهار في حي صلاح الدين يفتقر لشروط السلامة الإنشائية، وذكرا أن سبب الحادثة كون المبنى يقع بمنطقة متضررة من الاعتداءات الإرهابية، ولكن المعارضين للنظام السوري أكدوا أن انهيار المباني نتيجة قصف قوات النظام وحلفائه للمدينة بالسنوات الأخيرة.
يقع حي صلاح الدين في المبنى السكني المنهار، الذي يعد من الأحياء التي كانت مسرح للقصف والمعارك قبل أن تسيطر قوات النظام أواخر عام ٢٠١٦م هو وباقي الأحياء في مدينة حلب.
وحسب مقال رأي نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية “تشاتام هاوس” البريطاني، سلط الكاتب خالد الخطيب الضوء على وضع مدينة حلب شمال سوريا السائد وعلى المنهج الذي يتبعه النظام السوري، لتمزيق المدينة وحكمها على مبدأ فرق تسد، بعد سيطرته على المدينة أواخر العام الماضي.
بعد سقوط مدينة حلب بيد قوات النظام سيطرت عليها ثلاث سلطات: أجهزة أمن الدولة والميليشيات الموالية لنظام الأسد، وحزب البعث سلطات تعمد حسب- الخطيب- لابتزاز السكان في حلب بينما يمارس عناصر الأمن التمييز بين سكان الأحياء الشرقية وسكان الأحياء الغربية من حيث الخدمات والعلاج الطبي.
واستغلت الميليشيات الموالية الوضع لتهديد الأهالي وابتزازهم خصوصاً بعد أن أنشأ النظام بحلب فرع جديد لحزب البعث ومليشياته المسلحة ليخولهم العمل على نطاق واسع.
وتستغل حالياً أجهزة النظام سكان حلب لأغراض عسكرية واقتصادية ففي المناطق الشرقية يتعرض المدنيون العائدون لديارهم إلى حملات مداهمة أمنية ويقبض على الكثير منهم بسبب تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية.
ومنذ أوائل عام ٢٠١٧م، بدأت حملة اعتقالات واسعة لمن هم دون سن الأربعين عاماً لإلحقاهم بالخدمة كجنود احتياط قبل دفعهم لمعارك ضد داعش شرق وجنوب شرق حلب ومناطق البادية، جاءت حملة التجنيد خصيصاً لابتزاز الأثرياء حتى يدفعون “الأتاوات” الشهرية لأجهزة المخابرات لترك أبنائهم أو من أجل تسهيل تهريبهم لخارج سوريا.
ولم ينجُ الصناعيين والتجار من تعرضهم لمضايقات أجهزة أمن الدولة والميليشيات حيث يعمدون على فرض الضرائب على وسائل النقل وعرقلتهم لكثير من محاولات الصناعيين لإعادة فتح مصانعهم مما أجبر بعضهم على دفع الرشاوى والأتاوات حتى يتمكنوا من إعادة إطلاق أعمالهم مرة أخرى.
وبعد أن حل النظام فرع الحزب بحلب، لبس الحزب ثوب جديد برئاسة القاضي “أمين النجار” الذي حرص على إحياء فروع الحزب وإعادة تشكيل شبكات التجسس والرصد المؤلفة من أعضاء وموظفي حزب البعث .
وفرضت السلطات الثلاث التابعة للنظام منذ عام ٢٠١٧م سياسة تمييزية بين شرق حلب وغربها فالاحياء الشرقية التي يدير أمورها النظام مازالت لاتوفر أية خدمات عامة رغم المطالبات المتكررة من مواطنيها، وتعاني هذه الأحياء من الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وشح المياه، وكذلك انهيار شبكات الصرف الصحي بسبب القصف على المنطقة أثناء سيطرة المعارضة، بالإضافة للاتهامات المستمرة للسكان بأنهم كانوا متعاملين مع المعارضة وأنهم سيدفعون ثمن ذلك، بعد اعتقال الكثير من العائدين للأحياء الشرقية وتعرضهم للتعذيب على أيدي قوات النظام وحرمانهم من حقوقهم بالعودة.
أكثر من نصف الأحياء الشرقية مدمرة أو آيلة للسقوط، بالرغم من وعود النطام بإعادة بناء وإصلاح الأضرار الناجمة عن قصف قواته لشرق حلب، لكن لا يوجد ما يشير لأي فعل على الأرض خصوصاً بالانهيارات المتلاحقة على السكان، أما سكان غرب حلب فيوفر النظام لهم بعض الخدمات البسيطة.