بقلم : عائشة الشنقيطي”سِربًا سِربًا صاروا يرحلون … صار الموت الفَردي تَرفَ الأموات … سِربًا للسماء صَاروا يرحلون!”حين قرأت هذه الكلمات قلت في نفسي: أيُّها الكاتب: ماذا دهاك؟! لمَ تنثر الملح على جروح وقروح ليس في أنسجة جلدها قابلية للترميم؟!فإذا بصوت يجيبني: إنَّها “سلوى” سلوى، وعزاء، “سلوى” تعني انتزاع عميق المرارة من مريء اعتاد ابتلاع العلقم وغابت عنه زواكي الطعوم، وها هو يكشط المرارات بابتلاع لقم حلوى “المنِّ”، ثم يشفعها بدسومةِ وطراوةِ ودفءِ لحم طيور “السلوى” ولطالما قالوا: (دون الشهد إبر النحل)؛ وتجدهم ربَّما يسمُّون العسل المتحصل عليه -دونما وخز-“سلوى النحل”. !!يالــ “السلوى”.. يالــ السلوان.. يوم نصرُّ علی فتح ملفات المنسيين.. فتح ملفات من ارتضى لهم الكون توالي الكوارث، وحسم قضيتهم بــ “التعليق” إلى القرن ما بعد القادم!يا صاح.. إذا التقت عيناك يوما بمن في ترجمته: نزل دمشق، أو كان خطيبا للجامع الأموي.. أو مرَّ بك أنَّ الياسمين الشامي ليس أجود منه، أو راق لك صفاء اللغة واستقامة اللسان المشفوع بالأصالة، والرصانة.. لتقل: رحمهم الله، كانوا فيمن كان..نصيحُ.. نتشدق بـالأخوة (أخ.. أخت)، لكن حسب المزاج لا الاحتياج. لكم أستحي أني ألحُّ وأتسول لمشاريع معلقةٍ ملحة وميزانيتها اقتصادية ومتاحة.. أستحي، بل وأتضاءل لحجم حبة السكر حين أهاتف بعض العائلات الفاضلة المناضلة لأسمع ذات الأسطوانة: “ألا موت يباع فنشترييه”.!!بلا ملامة، ولا تثريب.. شاهد هذه اللقطات -وأيقن: ليس المخبر كالمعاين- عقيب تحرير إدلب بــ72 ساعة،، النظام يسيطر على الجو ويقصف بشراسة.. السماء حمراء، والقيامة تلوح.. الأهالي يركضون باتجاه المجهول.. يقطعون مئات الأميال، ثم يترنحون.. العائلة -حتى الصغيرة- لا يبصر ولا يسمع بعضهم بعضًا من وطأة الموقف والأدخنة.. وقد يخرجون 7 ثمَّ يصل واحد.. المرابطون تصيب ذويهم شظايا بالأدمغة، والعيون!! لا تسألن ولا تخمنن؛ فالخيارات محدودة، بل أشدّ شحًا.. المحظوظ من يصل إلى الحدود التركية، ثم قد يتلقى علاجا، ويحيا.. نعم يحيا، وحيدا (عالةً) و بــ “عاهة”.ماذا بعد؟؟ ماذا بعد يا “سلوی” ماذا بعد؟؟ سِربًا سِربًا صاروا يرحلون.. صار الموت الفَردي تَرف الأموات.. سِربًا للسماء صَاروا يرحلون! لا تقصص وجعك!لن أقصص وجعي.. سلوىً لن أقصص.. وهل لي أن أقصص؟! ولمن أقصص؟! أوَّاه.. وهل تنفع المكلوم أواه..؟؟ وَهِمُوا يوم قالوا: (ولابدَّ من شكوى إلى ذي مرؤة ** يواسيك أو يسليك أو يتوجع)ربَّما لأنَّ القائل: (بشار(.. بشار بن بُرد!إذا فرغت يومًا جعبتك من حكايات الإثارة، ثم ألحَّ صغارك.. لا عليك أن تعمد إلى قصة ذي الساق المستعار، الشاميِّ الذي فرَّ بصغاره عبر البحر، ولمَّا أيقن ألا قبور لهم إلا بطون وحشي السمك، كتب وصيته وأودعها بطن ساق البلاستيك، فطفت وألقى بها الموج ع الشاطئ (ألا ما أرخص الدم الشامي!!)ثم قفي بابي يا “سلوی” وقولي: لا تقصص وجعك..!