أظهر استطلاع الرأي الذي أجريناه في الجامعات التركية حول اندماج السوريين في المجتمع التركي أنَّ الأغلبية من السوريين يرحبون بفكرة انضمامهم للجامعات التركية والاختلاط مع الأتراك بشكل مباشر، بالمقابل تبيّن أنَّ الشعب التركي ليس لديهم مانع بانضمام السوريين للجامعات التركية أو البدء بصداقات معهم.
أجرينا الاستطلاع في جامعة “غازي عينتاب” و “كارابوك” وقد بدأنا أولاً بالسوريين، فكانت آراؤهم أنَّه أصبح اندماج السوريين والأتراك في السنوات الأخيرة أفضلاً، وذلك بسبب تعلم السوري للغة التركية، وأصبح لدى الأغلبية أصدقاء أتراك.
وحول ذلك الموضوع يقول شادي إبراهيم وهو طالب جامعي لجريدة حبر: “إنَّ الاندماج الأخير بين الشعبين إيجابي جداً، وذلك لحاجة السوريين للاندماج في المجتمع التركي، المستقبل حالياً معتمد على منح الحكومة الجنسية للسوريين، ومن الممكن أن نعمل مستقبلاً في الدوائر الحكومية أو الشركات الخاصة، وبخصوص الصداقة فبالطبع أنا لدي أصدقاء أتراك، وقد أصبحنا كالأخوة.”
في حين اعتبرت الطالبة هند صادق أنَّ الاندماج يتمحور حول ما أفادتنا به بقولها: “أغلب الطلاب السوريين يريدون الاندماج بالطلاب الأتراك لأنَّ ذلك يقوّي لغتهم وثقافتهم، والاندماج أمر طبيعي وضروري؛ لأنَّ أغلبنا سوف نبقى ونعمل في هذا البلد، فضلاً عن أنَّ مستقبل الطالب غير واضح؛ لأنَّ أغلب الشركات ترفض توظيف الطلاب السوريين، لكن ممكن أن يتغير مصيرنا في حال مُنحنا الجنسية التركية، وبالنسبة إلى الصداقة فأنا لدي القليل من الأصدقاء الأتراك، وأغلب تواصلنا دراسي، ومن النادر ذهابنا للمقاهي سوياً، لكن بالنسبة إلي هذا أفضل بكثير لأسباب شخصية.”
في المقابل أكد مجد الحموي لحبر “أنَّ اندماج السوريين مع الأتراك في الجامعات التركية إيجابي، لأنَّ الأتراك عندما يرون تعامل السوري معهم بشكل لطيف ومحترم سيعاملونه كأنَّه منهم وفيهم، بالإضافة إلى أنَّ السوريين يستفيدون من المنح التي تقدمها تركيا لهم خلال فترة دراستهم في الجامعات التركية، فضلاً عن التسهيلات التي تقدمها لهم أثناء دراستهم، وأنا مع فكرة أنَّ الأتراك والسوريين يجب أن يندمجوا لعدة أسباب أولها أنَّنا نحن في بلدهم، ومن الممكن أن نبقى هنا إلى أجل غير مسمى.”
لكن كان رأي مؤيد الحليب مخالف لذلك، يقول: “من الأفضل ألَّا يحصل اندماج أو صداقات بين السوريون والأتراك تحت أي ظرف كان، بسبب أنَّ الشعبين لهم عادات وتقاليد وآراء مختلفة” وبنظره فإنَّ الأتراك يرون السوريين مجرد شحاذين ولا يجب أن نتعامل معهم” ويكمل قائلا: “نحن لم نأتِ إلى تركيا بإرادتنا ولا لنشحذ، جئنا نازحين من الحرب والموت، ونريد استكمال دراستنا في تركيا لتأمين مستقبلنا”، إنَّ هذا الرأي هو المخالف لأغلب الآراء التي حصدناها للطلاب السوريين في الجامعات التركية.
وبالانتقال إلى آراء الشعب التركي، فإنَّهم رفضوا رفضاً تاماً بأن تكتب أسماؤهم ضمن المقال أو يتم تسجيل صوتهم، فمثلاُ توجهت بعدة أسئلة لشاب تركي بجامعة غازي عينتاب مثل “هل ترى أنَّ اندماج السوريين والأتراك إيجابي أم سلبي؟، هل تؤيد فكرة دراسة السوريين في الجامعات التركية؟ هل تحبُّ أن يكون لديك أصدقاء سوريون”، فكانت إجابته أنَّ اندماج الشعبين هو شيء إيجابي؛ لأنَّه من الممكن أن يكون للسوريين رأي وأفكار وطاقة جديدة تساهم في بناء مستقبل تركيا، وهذا شيء إيجابي للطرفين، كما أنَّه استقبل السؤال الثاني بصدر رحب حيث قال: “أؤيد فكرة دراسة السوريين في الجامعات التركية، إننا نعتبرهم منَّا وفينا، ويجب أن يتم معاملتهم مثلنا كأنَّهم أولاد البلد، وهذا أيضاً يفرحنا بأنَّهم يتعلمون لغتنا لسهولة التواصل بيننا وبينهم”، كان ذلك شيء جميل لأنني ترددت أن يقول لا ويظهر لي الاشمئزاز ، لكن كان جوابه على السؤال الثالث مدهش بالنسبة إلي بقوله: “أنا لدي أصدقاء سوريون، وأحبهم أكثر من أصدقائي الأتراك، وأنا وكافة الشعب التركي نرحب بهم في بلدنا، لأنَّهم لم يلجؤوا إلى بلد غريب، بل أتوا إلى إخوتهم.”
فيما أشارت شابة تركية لحبر أنَّها تحب أن يكون لديها أصدقاء سوريون، لأَّنها ستتعلم لغتنا، وستتعلم عاداتنا وتقاليدنا، كما أنَّها تعتبر السوريين مثقفين ومحترمين، وبالنسبة إلى اندماجهم بالجامعات التركية تقول لحبر: “حينما بدأ الطلاب السوريين بالتسجيل في الجامعات التركية أصريت أن أنتقل إلى أكثر جامعة فيها سوريون، وهي جامعة غازي عينتاب، لأني أرحب كثيراً بفكرة أنَّه سيكون لي زملاء سوريون، وبالإضافة هم كإخوتنا” لكنَّها فاجأتني بسؤال وجهته إلي بقولها “إن كان في بلدنا حرب، وأتينا إلى سورية، هل ستغلقوا أبوابكم بوجهنا” أجبتها: “بالطبع، فقلوبنا قبل أبوابنا مفتوحة لكم”.
توجهنا لشاب تركي لسؤاله تلك الأسئلة، فعندما علم بأننا سوريين تغير شكل وجهه بشكل كامل، كنت أتكلم معه وصديقتي تترجم لي، فحاولت أن أقول له: “قل ما تشعر به دون تردد حول أسئلتنا، لأننا نريد أن نعرف رأيك بالموضوع” ثم قال لنا: بلكنة غليظة “أنا مشغول” وانسحب بشكل فوري من المكان.
بحسب الآراء والناس الذين تكلمنا معهم، فإنَّ الشعبين يؤيدان فكرة اندماجنا سوياً، فمنهم من يؤيدها لمصلحة، وآخرون لمعرفة، وغيرهم لمساعدة، والأغلبية محبة بنا.
إنَّنا في بلدهم، وهم بشكل عام يرحبون بفكرة انضمامنا إليهم وإلى بلدهم، ولن أنكر أنَّني واجهت من ذلك الشاب التركي ثلاثة آخرين بذات الطريقة، وأيضاً لن أنسى أن أقول: إنَّ الأغلبية من الأتراك كانوا فرحين بقول آرائهم لنا بعد علمهم أنَّها ستصل للشباب السوريين عامةً.