لا تبدو المهلة التي أعطتها تركيا لنظام الأسد للانسحاب لما بعد حدود النقاط التركية في سورية أنها ستكون حاسمة، رغم كل التصريحات التصعيدية من الجانب التركي، فالنظام يتقدم في المناطق الخاضعة لسلطة الثوار بسرعة كبيرة، وكأن المهلة قد أُعطيت له لكي يتقدم لجميع المناطق التي يريدها حتى نهاية شباط/فبراير.
وقد سيطر في هذه الفترة الوجيزة على مناطق إستراتيجية كثيرة أهمها ربما سراقب والفوج 46، والمناطق التي شهدت مقاومة عنيفة غربي مدينة حلب، وأمامه حتى انتهاء المهلة التركية أربعة عشر يوماً إضافياً، ربما يطبق فيها السيطرة على جميع المناطق الأخرى باستثناء خمسة كيلومترات إلى جانب الحدود بحسب اتفاقية أضنة.
ما الذي يمكن أن تفعله تركيا في ذلك الوقت؟!
لا أعتقد أن تركيا ستطالب بالكثير وقتها، بل ستحاول الحصول على بعض المناطق الصغيرة جداً كرد للاعتبار، وستعيد انتشار القوات التركية على الحدود الجديدة لاتفاقية سوتشي التي ستؤطَّر بمدة زمنية تسمح بعودة الحياة والحركة الاقتصادية إلى كل تلك المناطق، هذه المدة قد تصل لخمس سنوات.
بالنسبة إلى النازحين أعتقد أن الخيار الوحيد الذي ستفعله تركيا بمساعدة الاتحاد الأوروبي هو نقلهم لمنطقة شرق الفرات (نبع السلام) وتوطينهم هناك وإعادة إعمار ما يحتاجونه على غرار توطين مهجري ريف دمشق في عفرين، وسيتم حل هذه المسألة كأمر واقع، ويوجد خيار ثانٍ لكنه أقل واقعية، هو أن يدفع الاتحاد الأوروبي كلفة توطين اللاجئين الجدد في وسط وشرق تركيا في المناطق الشاسعة التي ليس فيها كثافة سكانية مقابل عدم السماح لهم بالتوجه للاتحاد الأوروبي.
أخيراً لا تبدو المهلة هذه متعلقة بنا، فحتى التركي لا يعلم تحديداً ماذا سيفعل في نهايتها، وقد رسمها طويلة بهذا الشكل ليعطي لنفسه فرصة لحشد التحالفات تجاه ما يمكن أن يفعله وأخذ غطاء من الولايات المتحدة والناتو لكي تدافع تركيا عن أمنها القومي وليس عن السوريين، وهي اليوم تتفاوض مع الجميع لإعطائها الضوء الأخضر لما يمكن أن تفعله بالحد الأدنى والأعلى، وهنا تبقى الأمور مفتوحة لسيناريوهات جديدة، ولكن يبدو أن شكل التفاوض لا يسير كما نشتهي نحن.
في النهاية هذه المهلة تعطينا الفرصة لكي نستطيع الدفاع عن أنفسنا والاحتفاظ بأكبر قد من المناطق التي لا نريد أن تكون محل تفاوض، نحن فقط من يستطيع أن يقول إن هذه المهلة لنا أو علينا، لا الأتراك ولا مليشيات النظام وإيران ومن ورائهم روسيا وبقية مرتزقة الأرض.
المدير العام | أحمد وديع العبسي