توشك المهلة التركية على الانتهاء، وتختلف التوقعات حول ماذا يمكن أن تفعل تركيا مع نهاية المهلة؟!
لا أعتقد أن الحرب ستندلع في نهاية المهلة، فلا أحد يبدأ حربًا في موعد معلن، ولكن ستتصاعد لغة التهديد والعمليات العسكرية المحدودة ضد مواقع نظام الأسد، التي انطلقت منذ أيّام وربما ستستمر قبل نهاية المهلة، وستكون أكثر شدّة بعد نهايتها.
ستحاول روسيا وإيران استمالة تركيا، والعمل على تأجيل قراراها بالمواجهة، وربما يتراجع النظام قليلاً إذا أبدت تركيا جدية في قتاله واستطاعت استخدام سلاح الجو.
لن يعطي الناتو ولا الولايات المتحدة أي تطمين حقيقي للأتراك بأنهم سيقفون إلى جانبهم، وسيبقى الأمر مجرد خطاب متأرجح بين الوقوف مع تركيا والدعوة إلى التهدئة، وسيتأخر اتخاذ الناتو أي قرار بهذا الشأن حتى منتصف آذار، وسيعتمد في ذلك على ردّة الفعل التركية بعد انقضاء المهلة وتوضيح تركيا موقفها من روسيا في بقية الملفات المشتركة وليس فقط الملف السوري، وهو ما سيعقِّد المشهد بشكل أكبر، خاصة بالنسبة إلى طلب تركيا نشر منظومة باتريوت دون أن تتنازل عن منظومة S400 التي اشترتها من روسيا والاستغناء عنها.
تعلم تركيا أنها تواجه تحديات كبيرة مع روسيا التي تحاول استغلال نقاط ضعفها في الملف السوري، ومع حلفاء آخرين يحاولون توريطها بحرب طويلة الأمد مع روسيا، ربما تتسبب بتدمير النهضة الاقتصادية التركية، لذلك فهي مترددة في خيار الحرب أكثر من أي وقت مضى، ولن تخوض سوى عمليات محدودة جداً، ذات أهداف معنوية.
الحد الأدنى التي تعلم تركيا أنها ستحصل عليه هو اتفاق أضنة، والحد الأعلى ربما يكون العودة لاتفاق سوتشي، لكن ليس بإعادة سيطرة المعارضة على المناطق التي خسرتها مؤخرًا، إنما بفرض سيطرة روسية كاملة، مع بقاء نقاط مراقبة تركية، وليس سيطرة على الأرض.
ربما لا تمانع روسيا في نهاية المطاف من استهداف النظام، فهي أيضًا تريد طريقة للتخلص منه مع عدم خسارة ولائه، وإضعاف الوجود الإيراني الذي يقاسمها النفوذ، خاصة أن مناطق الشمال بشكل أو بآخر لا تدخل ضمن نطاق المصالح الروسية، لكنها ورقة قوية لن تستغني عنها للأتراك بسهولة.
لا توجد أي مؤشرات تقول إن الولايات المتحدة تريد توجيه ضربة للروس في هذا الوقت على غرار ما فعلته في أفغانستان، لكن هذا الأمر يبقى ممكنًا، وستعمل روسيا على تجنب هذه الضربة والمسارعة للاتفاق مع تركيا على عودة سوتشي، لذلك تبدو هذه الفرصة ضئيلة.
بالنسبة إلى الثوار فهم خارج المعادلة تقريباً، مالم يقرروا خوض حروب في جبهات بعيدة عن إملاءات الضامن وإحداث اختراقات في عمق النظام تجعل خريطة التفاوض تتغير، وهذا الأمر متاح اليوم في ظل التردد التركي، وخطابه القائم على المواجهة.
المدير العام | أحمد وديع العبسي