حسن كنهر الحسين |
بعد أن لاحت غالبية الثمار بالنضج، انطلق موسم قطاف الزيتون في محافظة إدلب، وسط ظروف صعبة فرضت على الفلاحين في ريف إدلب الجنوبي، حيث بقوا بعيدين عن بيوتهم وأرزاقهم خوفًا من قصف قوات الأسد على تلك المناطق.
تحتل إدلب المركز الثاني في سورية بعد محافظة حلب، ويوصف زيتها بأنه من أجود أنواع الزيوت لتحقيقه المواصفات القياسية التي تتطابق مع معايير الجودة العالمية.
تنشط زراعة أشجار الزيتون في إدلب بشكل عام وتتركز بشكل خاص في مدن وبلدات معرة النعمان وكفرنبل وسلقين وأريحا وحارم ومدينة إدلب، حيث تتربع أشجار الزيتون على مساحة قدرها 28554 ألف هكتار برصيد 14.٦٨٦مليون شجرة، بمتوسط إنتاج غير ثابت بقدر180000.
يتوقع مهندسون زراعيون وخبراء محليون انخفاض الإنتاج هذا العام بنسبة كبيرة بالمقارنة مع الأعوام السابقة لأسباب عدة يأتي في مقدمتها امتناع الأهالي عن الذهاب لجني أرزاقهم في ظل القصف الذي لا يتوقف لحظة عن الريف الجنوبي، بالإضافة إلى خوفهم من شبح القنابل العنقودية التي لم تنفجر بعد، التي أصبحت أشبه بألغام أرضية تملأ الحقول. يعتبر الحاج (عبدالكريم) الذهاب لجني ثمار الزيتون هذا العام أمرًا أشبه بالانتحار، ويضيف: “كل شيء يمكن أن يعوض، لكن لو خسرت حياة أحد أبنائي فهذا شيء لا يمكن تعويضه بالنسبة إلي”.
كما يتوقع المهندس الزراعي المختص (خالد السليمان) أن الاضطرابات المناخية التي حدثت هذا العام سيكون لها الدور الأكبر في انخفاض كمية الإنتاج، حيث إن انخفاض درجات الحرارة أثناء عملية الإزهار أدت إلى تساقط النسبة الكبيرة من تلك الأزهار، الذي بدوره أدى إلى فشل عملية العقد بنسبة تجاوزت 95%وتسمى تلك الظاهرة ب(الصقيع الربيعي) .
ويضيف: “إن خوف الأهالي من الذهاب لأرزاقهم لرشها بالمبيدات الحشرية أدى إلى ظهور حشرة تسمى ب( عتّه الزيتون الطور الزهري) إضافة إلى إصابة تلك الأشجار بعدوى سلّ الزيتون، حيث ساهمت جميعها في تساقط الثمار ورداءة المحصول وارتفاع نسبة الأسيد في الزيت”.
كما أن من الأسباب المتوقع أن تساهم في تقليل عملية الإنتاج لهذا العام سقوط عدد من بساتين الزيتون بيد قوات الأسد بعد حملتها الأخيرة على المنطقة، إضافة لتعرض قسم كبير من تلك البساتين للهلاك والحرق بعد استهدافها بشكل مباشر من قبل قوات الأسد بهدف الضغط على المدنيين.”
يقول (علي الخطيب) : “ذهبت لتقدير كمية الحمل في بستاني، وعند وصولي تفاجأت بأن غالبية الأشجار قد تحولت لهشيم بعد سقوط أحد الصواريخ وسط الحقل، ما أدى إلى احتراق الحقل بشكل كامل”.
يعمل الأهالي هذا الموسم على تسليم أرزاقهم مناصفة بينهم وبين من تبقى من الأهالي في قرى الريف الجنوبي لإدلب، أو عن طريق التضمين بمبلغ مالي يتراوح بين 4إلى6 آلاف (للشوال وزن 100كغ) وذلك بحسب خطورة المنطقة المراد تضمينها، وتعتبر تلك الأسعار قليلة بالمقارنة مع أسعار الضمان في السنوات السابقة التي تراوحت بين (13000و16000 ل.س).
يقول الحاج (عبدالله الحسن) : “إن التقسيمات الحالية جاءت بناء على ما يشهده الريف الجنوبي من قصف، بالإضافة إلى ارتفاع أجور العمالة بنسبة100%إضافة إلى ارتفاع أجور المواصلات نظرًا لخطورة الطرقات، كما زاد على المُزارع عبء نقل محصوله شمالاً بعد توقف كافة المعاصر في الريف الجنوبي عن العمل.” كما يقول الحاج (سليمان) أحد مالكي المعاصر: ” نتيجة تعرض عدد من معاصر الزيتون في الريف الجنوبي بحجة وجود مقرات عسكرية فيها وخوفًا من رصد طائرة الاستطلاع لتجمعات المدنيين، قمت بنقل معمل العصر إلى الشمال”.
يتقاضى أبو سليمان 1000ل.س مقابل عصر الشوال الواحد، حيث يمر عصره بمراحل عدة تبدأ بالتصويل ومن ثم التنقية ومن ثم إلى الفرز المركزي بالآلات الحديثة، ويتراوح سعر كيلو الزيت بين 600 و1200 وذلك بحسب جودة الزيت ونسبة الأسيد فيه.
تكثر أصناف الزيتون في إدلب وتتنوع بين التفاحي والخوخي وأبو شوكة وغيرها من الأصناف، وتكثر تحضيراته المنزلية، حيث يستعمل عن طريق التخليل أو الكبس، وتسمى تلك الأصناف بزيتون المائدة الذي لا تخلو مائدة من أصنافه.