فاطمة الحسن |
مايزال إبداع السوريين مستمرًا وواضحًا يحمل في طياته قصصًا منوعة تعطي دروسًا في الصمود والصبر والتعلم في شتى الظروف وأقساها.
(سلام الحامض) ابنة العشرينيات فنانة تشكيلية هي ليست الوحيدة في هذا المجتمع الذي عُرِف عنه الإبداع والإصرار، فـلابنة جسر الشغور قصة تكونت وتجذرت من أصل الثورة الأمر الذي نتج عنه ربما نجاحها.
(صحيفة حبر) التقت الفنانة (سلام الحامض) حيث أخبرتنا عن بداياتها بالرسم بقولها: “الرسم موهبة فطرية خلقت معي ولازمتني بكل مرحلة حتى اصبحت علاقتي فيها متينة جدًا ولا أستطيع التخلي عنها فقد صارت أساسًا في حياتي.
بداياتي بالرسم كانت عبارة عن سكيتشات بسيطة تتضمن مواضيع متنوعة، إلا أنه ومع انطلاقة الثورة توقفت عن متابعة تعليمي الجامعي وتفرغت لموهبتي التي تعتبر الأُكسجين بالنسبة إلي وأداتي للتعبير، وبدأت بعدها بتطويرها وتنميتها من خلال ممارستي لها بشكل مستمر.”
دخلت سلام الجامعة إلا أنها لم تكمل عام بسبب انتقالها من مدينتها والانتقال إلى المناطق المحررة بسبب آلة الإجرام نظام الأسد، تقول سلام : تخصصت في الجامعة علم اجتماع ولم أتابع بعد السنة من تخصصي بسبب انتقالي من مدينتي جسر الشغور إلى الريف المحرر، وهنا تفرغت لموهبتي في الرسم (حلمي الثاني).”
وبحسب ما وصفته سلام، فإنها عانت في بادئ الأمر من عدم توفر المواد الضرورية واللازمة للرسم، وبدأت بأدوات بسيطة جدًا واستمرت بالتطوير والتنمية من قدراتها إلى أن اصبحت ريشتها قادرة على إيصال رسائل تحكي واقع الشعب المنسي بين آلة بطش النظام وظروف الحياة الصعبة.
سلام والثورة وتحول الريشة إلى مدافع عن القضية
لطالما نشرت الفنانة (سلام) على صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لوحاتها التي تحاكي أحداث الثورة التي تواكب القضايا، ولطالما خطت ريشتها جدران مدينتها باحثة عن مواضيع ذات أهمية لدى أصحاب القضية.
تقول (الحامض): “بمواكبتي لأحداث الثورة من بداياتها إلى الآن دفعني إصراري لأجعل من ريشتي وسيلة للتعبير عنها، وأحاول من خلال رسوماتي إيصال معاناة الناس إلى العالم، فمصدر إلهامي يأتي من الثورة ومن أبطالها ونسائها وأطفالها والمعتقلين.”
وفي فترة هذه الهجمات الشرسة التي شنها النظام على المحرر وكثرة النزوح والمعاناة وتفاقم الأمور، وصمت العالم أمام المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين جعلت (الحامض) ريشتها كبريد إلى العالم على الجدران والورق ومواقع التواصل، ولم تذخر جهدًا في الدفاع عن قضايا السوريين.
لعل في ذاكرة المتابعين والمهتمين لوحات خاصة قد تشد انتباههم ونظرهم، ومن أبرز ما رسمت (الحامض) بحسب قولها لوحة (الحكاية السورية) التي تروي كل ما مرَّ به السوريين من معاناة وقصف ونزوح واعتقال وتشرد، وتتضمن أيضًا صورًا عن الصمود والإصرار والأمل والثبات منذ انطلاق الثورة وحتى اليوم.
وكان للوحة (المعتقلين) أثر، إذ ناقشت تلك اللوحة حياة القابعين في سجون الاستبداد منذ سنوات دون معرفة مصيرهم.
لم تقم (الحامض) أي معارض ولكنها تخطط لافتتاح أولى معارضها في الشمال المحرر وبلوحات تجسد واقع السوريين، تقول: “أقبلت مؤخرًا على فن الشارع وما دفعني لذلك تفاعل الناس معه وقربه منهم أكثر ولقدرته على إيصال رسائل قوية وسلسة بسهولة أكثر من اللوحات الفنية.”
تلك هي (سلام) التي تركت جامعتها ورفضت القعود تحت ظل الأسد وخرجت لتكون جسرًا لتعبر به رسائل السوريين المنهكين في الداخل إلى العالم المجحف الذي نسي واجباته تجاه تلك الشعوب المنسية.
تختم (الحامض) بقولها: ” لوحاتي ليست للهواية وحسب، بل أيضًا للحديث عن ثورتنا العظيمة وعن قوتها وعن صمودنا كثوريين وعن ثباتنا رغم التخاذل وذلك إيماناً بقضيتنا وبحقنا في الحرية والحياة والتصميم على الاستمرارية بثورة الياسمين إلى أن نصل إلى دولتنا الحلم سورية الحرة.”
ويبقى الإبداع وملازمًا السوريين رغم كل ما تعرضوا له على مدى قرابة عقد من الزمن، فالإصرار قد تحتم في قلوبهم وأرادوا إيصال رسائلهم من خلال تفوقهم.