دعاء عبد الله |
إنه اليوم السادس عشر من شهر تشرين الثاني عام 1970م، توقف كل برامج التلفزيون السوري من أجل بيان مهم، بيانٌ سيغير تاريخ السوريين لخمسين سنة قادمة.
إنه انقلاب وزير الدفاع السوري آنذاك (حافظ الأسد) الذي قلب حياة السوريين وتسلم زمام السلطة في سورية، السلطةُ التي لن يتركها حتى موته.
يوم أسود صُبغ زوراً وبهتاناً بلون التصحيح الذي سيموت دونه حافظ الأسد ويترك خلفه ابنه بشار ليتابع المسيرة الفاشلة لعائلة حكمت سورية بانقلاب لا بانتخاب.
منذ السنوات العشر الأولى بدأ حافظ الأسد بتوطيد حكمه، فغير المناهج الدراسية لتوافق سياسة العائلة الحاكمة، وانتشرت صور الرئيس في كل أنحاء البلاد، وُطبع اسمه في كل مفاصلها، والسوريون ما زالوا بانتظار التصحيح الموعود.
اخترع آل الأسد بعد ذلك أكذوبة الممانعة والمقاومة، فكانت مقاومة صادقة ضد الشعب السوري الذي نفذت بحقه مجزرة حماة ومقاومة كاذبة ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي أخذ من سورية ما لم يكن يتوقعه من أي رئيس آخر سيكون بديلاً عن حافظ الأسد رجل حرب تشرين التي سلمت الجولان لمغتصبيه.
في هذه الأثناء كانت تُطبخ وصفة الخلود للقائد الخالد الذي سيكمل نسله مسيرة التصحيح التي بدأها تصحيحٌ لن يتوقع أحد حينها أنه سينقلب إلى تهجير وتنكيل وتغييب في المعتقلات في عهد بشار الأسد الذي غير دستور سورية ودمر البلاد وجلس فوق عرشها وحيداً.
طريقة بشار الأسد لا تختلف كثيراً عن طريقة أبيه، لكنها أكثر دمويةً وتأثيراً على حياة السوريين الذين يعانون الآن من سوء الحالة الاجتماعية وفقدان أدنى وأبسط مقومات الحياة، ورغم ذلك يعد بشار الأسد ما قام به خلال سنوات الثورة نوعاً من التصحيح الذي يحب الأسد أن يسميه مقاومة الإرهاب.
بين حركة الأمس واليوم، يكمل السوريون خاصةً المؤيدون منهم مسيرتهم الطويلة في انتظار التصحيح الموعود.
وفي نصف قرن تغيب كل ملامح التصحيح وتظهر على النقيض كل ملامح القتل والإجرام التي لم تشهد لها البشرية مثيلاً.
ومع كل إجرام الأسد يهرع المجتمع الدولي لتبييض صورة الأسد الابن ليديمها له سلطةً لن تفارقه مدى الحياة، إنه وعد الكيان الصهيوني لآل الأسد “للأبد” مقابل ما قدموه له ولكل رعاة الاحتلال في العالم.
وكلنا لاحظ كيف يتسابق الإعلام الروسي والعالم على إجراء لقاءات مع بشار الأسد بصورة متتالية وكثيفة في الأشهر الماضية، كل ذلك لإعطائه حفنة من الشرعية التي تمكنهم في السنوات القادمة من صنع كذبة جديدة على غرار الحركة التصحيحية سيكون بطلها هذه المرة بشار الأسد، لكنها بالتأكيد لن تدوم طويلاً، فالشعب هذه المرة ذاق مجازر في حماة وحلب وإدلب وحمص ودمشق، لكنه تابع المسيرة التي ستطيح بالأسد عاجلاً أم آجلاً لكي لا نكون مع حافظ أسد جديد.