عكيد جولي – الحسكة
حتى السنوات القليلة الماضية، لم يكن لمؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الخيرية والجمعيات الإغاثية وجود على المستوى الشعبي في محافظة الحسكة في ظلِّ حكم النظام السوري على المنطقة، ولم يكن المجتمع المدني ومفاهيمه منتشرة في سوريا، و النظام البعثي وفروعه الأمنية لم تكن تمنح رخص فتح مراكز المجتمع المدني لمن كان يريدها.
ما إن بدأت الثورة السورية في 15 آذار/مارس من العام 2011، قام النشطاء في المحافظات السورية بتأسيس جمعيات خيرية ومؤسسات المجتمع المدني لسدّ الفراغ في بعض النواحي التي سببها إهمال النظام للمناطق التي طالبت بإسقاطه.
(مركز نوروز لإحياء المجتمع المدني) كان من أولى مؤسسات المجتمع المدني في محافظة الحسكة, التي ساهمت في خدمة المنطقة من ناحية نشر مفاهيم لم تكن معروفة فيما مضى, بالإضافة إلى تقديم المساعدة لكافة المراكز والمنظمات، كذلك المساهمة في تطوير الهياكل الإدارية للمراكز الحديثة النشوء في الحسكة، وتقديم مساعدات لوجستية لنشاطاتها, فمعظم المنظمات والمراكز والجمعيات المدنية في المنطقة تعرف هذا المركز, وغالبا ما تتردد إليه إما لإقامة نشاط لها في قاعة المركز, أو لحضور نشاط أو ورشة تدريبية, وحسب ما يرون فإنَّه مركز متميز بنشاطاته وكوادره.
وبحسب قول معصوم محمد الإداري في (مركز نوروز):
“نظرا ً لما يجري في سوريا منذ بداية الثورة وتنامي مظاهر العنف والتطرف واستغلال الأطفال للأغراض العسكرية والسياسية بات من الضروري فتح هكذا مراكز في كلِّ المدن السورية لنشر ثقافة المجتمع المدني، ونحن من أوائل من بادر بفتح أول مركز مجتمع مدني في المنطقة”
وعن أهداف المركز يقول محمد لـ صحيفة حبر ” نعمل على تنمية قدرات الشباب والنساء في مجال مفاهيم المجتمع المدني والعدالة الانتقالية والإعلام، وتعزيز القيم الثقافية والاجتماعية التنموية في المجتمع، وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش والتفكير الحر وخاصة لدى الشباب والأطفال والنساء، ودعم الفئات المهمشة لا سيما في مناطق الريف، بالإضافة إلى دعم أنشطة ومشاريع التنمية المستدامة لكل من الشبكة المحلية والشبكة الوطنية والمنظمات الدولية التي تتفاعل مع المركز, ونشر ثقافة المجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان والسلم الأهلي فكل ذلك من أبرز أهداف مركز نوروز”.
الورشات التدريبية التي تحصل في تركيا وإقليم كردستان العراق كثيرة, ولكن الوصول إلى تلك الدول لها مخاطر, وكذلك فإنَّ اختيار المتدربين يخضع لفوضى ومحسوبيات, لذلك آثر مركز نوروز أن يؤهل كوادره ليقوم بعملية التدريب داخل سوريا كبديل عن مخاطر السفر ومحسوبيات الاختيار, فكوادر المركز منوعون ومؤهلون ويمتلكون الخبرة لتسيير أمور المركز, وغالبهم تلقى تدريباً في تركيا وإقليم كردستان العراق بالإضافة للجهود الشخصية لتطوير الخبرات الذاتية عند كوادر المركز, ولكنهم لا يخفون علينا حاجتهم للمزيد من الكوادر وللمزيد من الخبرات المتعلقة بنشر أهداف مركزهم.
ويعمل المركز على إقامة ورشات تدريبية عن مفاهيم المجتمع المدني والإعلام والقيادة والإدارة والتخطيط، ومبادئ حقوق الإنسان، وإجراء ورشات تدريبية لتمكين المرأة، وعقد ندوات حوارية وطرح قضايا مهمة بالنسبة إلى المجتمع، وتقديم المساعدة اللوجستية لكافة مراكز المجتمع المدني في المحافظة، بالإضافة إلى نشاطات أخرى يقوم بها مركز نوروز لإحياء المجتمع المدني.
لمعرفة المزيد عن “مركز نوروز” قام مراسل صحيفة حبر بزيارة المركز، وأجرى لقاء مع مصطفى رمضان مدير المركز, حيث قال رمضان “كوادر مركز نوروز تمتلك خبرات عملية ونظرية في مجالات تخصصنا, تلقينا العديد من الورش التدريبية ونظمنا نحن أيضاً عدد من الورش لكوادرنا لنصل إلى مستوى يؤهلنا بعملية التدريب, وكادر المركز مؤهل للتدريب ولنشر الثقافة المدنية في المجتمع” كغيرها من المؤسسات, مركز نوروز يعاني من عدة مشاكل ويفصح رمضان عن هذه المشاكل قائلاً “المركز يعاني من هجرة الكفاءات والفئات الشبابية الأكثر استهدافا لدى المركز, كما إننا نعاني من قضية إغلاق المعابر الحدودية وهي بدورها تعرقل من التواصل مع المنظمات الدولية المدنية, وعدم حضور ورشات تدريبية ولقاءات واجتماعات في الخارج”.
وتأسس المركز بتاريخ 1-5-2013، إلا أنَّ العمل المدني للمركز كان موجودا منذ بدايات الثورة، فقد كانوا يعقدون ورشات تدريبية في المنازل لعدم توفير الإمكانيات اللازمة حينذاك لتأمين مركز خاص بهم.