تُعدُّ الأمية واحدة من أخطر المشاكل التي تواجه المنطقة، ويُعرف الأُمي على أنه الشخص الذي تجاوز سن الطفولة دون أن يتقن القراءة والكتابة، وللأسف فإنَّ هذه الفاقة قد ازدادت انتشاراً في السنوات الأخيرة، تبعاً لمخلفات الحرب من جهل وتشرد بالدرجة الأولى.
إلاّ أنّ بعض المنظمات الهادفة لمساعدة الأميين بتجاوز عائقهم في القراءة والكتابة، دفعها لإنشاء مراكز تتضمن برامج لمحو الأمية، فقامت صحيفة حبر بزيارة أحد المراكز الثقافية التابعة لمؤسسة هوية بلد في الريف الغربي بأورم الكبرى التي تعنى بمحاربة الأمية، والتقت هناك المسؤولة عن الإناث، المعلمة سوسن قصاب.
وقد تحدثت في بادئ الأمر عن أسباب انتشار الأمية في المنطقة، مصنفة الأسباب تبعاً للفئة العمرية، فمثلاً؛ الفئات ما بين الـ (25-50)، غالباً يرجع سبب أميتهم لعدم التحاقهم بالمدارس في طفولتهم، بسبب جهل الأهالي سابقاً.
أمَّا عن الفتيات ما بين الـ(12-18)، فيرجع سبب معاناتهم من الأمية، نظراً للظروف الأمنية الصعبة، التي مرت بالبلاد من قصف ونزوح، وخوف الأهالي من إرسال بناتهم إلى المدارس.
أمّا عن الطرق والوسائل المتبعة في عملية محو الأمية ضمن المركز، كما ذكرت المعلمة سوسن، تعتمد أولاً زرع بذور الثقة بأهمية التعليم للفتيات والنساء، على ضرورته ووجوبه لمساعدتهم على تربية أبناءهم وتعليمهم، وتجنباً لأن تتكرر معاناتهم مع أطفالهم.
وأفادت سوسن: “قمنا بتغطية البلدة بالكامل، حيث استهدفنا الجمعيات السكنية الواقعة على أطراف البلدة، كما وأقمنا مراكز أخرى في المناطق المجاورة ككفر ناها والإبزمو وعنجارة.”
وأوضحت دور المنظمات الفعّال في القضاء على الأمية، فبمجرد تفعيل مركز في منطقة ما ولو لفترة محدودة، فهذا كفيل لتنشيط فكرة تعليم النساء اللواتي مُنعن من الدراسة لفترة من الزمن.
وعن الحلول المرجوة للمساعدة في تنشيط دورات محو الأمية، أوضحت: “أهم أسباب التعلم هو إعطاء الناس الثقة بأنهم قادرون على التعلم، وتحفيزهم وتكريمهم لقاء أي عمل يقومون به تبعاً لتلمهم.”
واختتمت حديثها: “نحمد الله أننا حققنا نتائج أهمها أنهم أصبحوا قادرين على الكتابة والقراءة بمستويات جيدة، ويستطيعون اليوم القراءة من القرآن، ونسعى لتعزيز قدرتهم على قراءة القرآن وحفظه.”
وتابعنا الحديث مع مسؤول المركز الثقافي “هوية بلد”، الأستاذ محمد بركات، عن أهمية الدورات الداعمة لمحو الأمية قائلاً: “أتحدث عن منظمتنا الداعمة لمشروعنا ومراكزنا في الريف الغربي بحلب، لقد حققت الدورات التعليمية لمحو الأمية أهدافها، وأكثر الفئات استفادة منها كانت النساء وخاصة المسنات منهنّ، وقد أصبحت الكثير من النساء اللواتي كنّ أُميّات سابقاً، قادرات على القراءة والكتابة بشكل جيد الآن.
بالطبع نحن نعتمد على قاعدة المستويات، وكل مستوى يستمر معنا ما يقارب ثلاثة أشهر، وهكذا بشكل دوري، أولاً لتحفيز المقبلين للدورات على التقدم والتنافس فيما بينهم، ومن ثم تجاوزهم مرحلتي الكتابة والقراءة للانتقال إلى القرآن.”
وتابع: “في الحقيقة اعتقدت في البداية أننا سنواجه مشاكل كثيرة في مسيرتنا لمحو الامية، لكن مع مرور الوقت وبجهود الداعمين والمشرفين على التعليم، وبتعاون المقبلين للدورات ورغبتهم بالتعلم، حققنا نتائج كبيرة ومفرحة، وشخصياً اعتبر مشروعنا بمحو الأمية من أنجح مشاريع مركزنا ونفتخر بذلك.”
وممَّا أدهشني أيضاً الإقبال الملحوظ للنساء أكثر من باقي الفئات، وإصرارهنَّ والتزامهنَّ، حتى أنَّ هناك البعض منهنَّ يلتحقنَ بدورات متخصصة بمجالات أخرى بعد تخطيهنَّ مرحلة الأمية ما بين حروف الأبجدية.