فادي العادل
مما لاشكّ فيه أنّ المدرسة كانت عبر التاريخ هي من تقود المجتمعاتِ وترسم لهم طريق المستقبل والتطوُّر والرُّقي.
المدرسة هي نسخةٌ مصغّرةٌ عن المجتمع الكبير بتنوّعها وتنوّع رُّوادها الصِّغار والكبار.
المدرسة هي التي تحقّق أهداف المجتمع كلّها تربوياً وعلمياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقيَمياً وعسكرياً.
لهذا كانت عبر التاريخ الطويل محور اهتمام القادة السياسيين الاجتماعيين والاقتصاديين من أجل تحقيق أهدافهم ومصالحهم وبناء مفهوماتهم وبثّها في مجتمع ثقافي ما.
ودائماً كان النظام الحاكم في أيّ بلدٍ في العالم يركِّز على المدرسة ويوجهها حسب نظامه ومصالحه فلذلك قال الفلاسفة من يسيطر على المدارس فقد سيطر على المجتمع كلّه.
المدرسة هي من تعدّ رجال المستقبل (سياسيّ، اجتماعيّ، ثقافيّ، تعليميّ، عسكريّ، اقتصاديّ).
فإذا أردنا أن نغيِّر المجتمع فعلينا أن نغيِّر مخرجات المدارس أولاً
وإذا أردنا أن نحافظ على المجتمع فعلينا أن نحافظ على مدارسنا والاهتمام بالتربية وطبيعة المناهج الدراسية.
والسؤال الأهم الذي يجب أن نطرحه!!
هل مدارسنا تحقق أهداف ثورتنا؟!
عندما خرج الشعب السوري كان ينادي بالحريّة والمساواة والعدالة ورفع الظلم عنه وتحقيق تكافؤٍ في فرص العمل بين كل المواطنين وصولاً للعدالة الاجتماعيّة ولو نظرنا إلى مدارسنا وجدنا ذات النظام الذي ثرنا عليه لكن بصورة أخرى.
هل المدارس اليوم تساهم في تحقيق هذه الأهداف؟
في الحقيقة الجواب ليس سهلاً ولكن علينا النظر جيداً في هذا الموضوع وتحليل جوانبه.
قمنا بزيارة إلى الأستاذ مصطفى مدير أحد المدارس بالريف الجنوبي لحلب الذي قال: في الحقيقة نسعى أن تكون مدارسنا هي من تحقق أهداف الثورة، ولكن هناك صعوبات كثيرة أمامنا منها البناء المدرسي نفسه من كثرة تعرضه للقصف والدمار وصعوبة أخرى هي الكوادر الدراسية ومنهم مازال مع النظام وقسمٌ آخر يرفض التعامل مع مدارس الثورة وقسم آخر متطوع منهم مؤهلٌ ومنهم تنقصه الخبرة التعليمية.
وصعوبة أشد خطورة هي مسألة المحسوبيّات داخل التربية الحرة أو المجمّعات التربويّة او حتى التشكيلات العسكريّة التي تفرض مديرين ومعلمين وترفض آخرين ….
هل يوجد حلٌ لهذه المشكلة؟
الحقيقة أن الجميع يعمل على حلّ هذه المشكلة ولكنّ الأمور تسير ببطء وهذا ليس لصالحنا.
ويجب الاهتمام بالجانب التعليمي اهتماماً كبيراً من اجل حل هذه المشاكل.
وإن فكرة إنشاء جامعاتٍ لتأهيل الكوادر هي فكرةٌ جادّة من أجل النهوض بالوطن كله وخصوصاً المدارس ويجب أن تكون مخرجاتها مؤهلةً أكاديمياً وتربوياً من أجل الاعتماد عليها في المستقبل القريب وهي في الحقيقة تعاني من ذات المشاكل التي ذكرناها في المدارس من حيث المحسوبيات وسلطة الفصائل عليها أحياناً.
إذاً المدرسة هي طريقنا نحو المستقبل ومن أجل أن يكون المستقبل أفضل علينا الاهتمام بمدارسنا ومخرجاتها فعندما تكون مدارسنا بأفضل حالاتها فإنّنا نسير واثقين نحو المستقبل.
وإعداد جيل الثورة يبدأ من مقاعد الدراسة فالمدرسة مزرعةٌ تُزرع فيها كلُّ القيم وتزهر فيها جميع الأمنيات ولكي نرتقي علينا أن نغرس في عقول أبنائنا المعنى الحقيقي للثورة والسبب الكامن وراء قيامها.