منذ تحرير مدينة إدلب في أواخر مارس 2015 مازال العمل مستمرًا على إزالة القمامة ومخلفات القصف من قبل المنظمات العاملة، وحاليًا بالتعاون مع المجلس المحلي الذي بات يشرف على معظم مؤسسات المدينة ومن بينها مديرية البلدية، حيثُ يُعتبر المنسق لكافة الأعمال التي تتعلق بالنظافة واحتياجاتها وأجور العاملين، بهدف الحصول على بيئة صحية خالية من الأمراض والأوبئة التي تزداد بارتفاع نسبة القمامة داخل الأحياء السكنية.
تنظيف الشوارع وتوظيف عاملي النظافة، أمران ضروريان، لذلك توجهت معظم المنظمات لإطلاق مشروع “المال مقابل العمل” وكان من أبرز أهداف هذه المشاريع هي إعادة رسم معالم المدينة وتجميلها وتنظيفها وإيجاد فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل.
(أيمن رجب)عضو في المجلس المحلي يشرح لصحيفة حبر عن وضع النظافة في المدينة: “مشروع النظافة بحاجة دائمة لتجديد وإصلاح الآليات ومعدات النظافة نظرًا لكثرة استعمالها، ولا يوجد عدد ثابت لها بحكم خروج بعضها عن الخدمة”.
أما فيما يتعلق بحقوق عامل النظافة تابع (رجب): “لا يوجد أي تأمينات صحية لعمال النظافة على الرغم من إمكانية تعرضهم للأوبئة بسبب طبيعة عملهم التي باتت خطيرة في ظل الحرب، إذ ربما يتعرضون لمخلفات الحرب من عبوات ناسفة ومتفجرات، فمدة عقد عملهم قد لا تتجاوز ثلاثة أشهر، لأنَّه لا يوجد جهة ممولة دائمة للمشروع”.
حملات ومبادرات يقوم بها المجلس المحلي بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني داخل مدينة إدلب تستهدف إصلاح وترميم وتنظيف المرافق العامة والبنى التحتية وتأمين فرص عمل للشباب، فقد قام مؤخرًا المجلس المحلي في مدينة إدلب بالتعاون مع مركز الدفاع المدني بإطلاق حملة بعنوان “إيدي بإيدك منعمرها” لترميم وتأهيل “حديقة الجلاء” بهدف تشغيل أكبر عدد من الشباب العاطلين، ولتحسين معالم المدينة وتجميلها، فالحدائق تعتبر متنزهًا ومتنفسًا لسكانها خاصة المهجرين ممَّن لا يمتلكون أراضٍ زراعية.
في صباح كل يوم يتوجه عمال النظافة لعملهم وبانتظارهم أكوام من أكياس القمامة وبقايا من مخلفات القصف والأطعمة، كل ذلك يجعلهم عرضة للأمراض، وربما العبوات الناسفة أو القنابل التي قد توجد داخل الحاويات أو خارجها قد تودي بحياتهم.
لذلك لا يُحسد عمال النظافة على عملهم الشاق والخطر سواء من الناحية الصحية أو الأمنية، ولا على نظرة الاشمئزاز والدونية التي قد يرمقها بعض الناس لهم.
(خالد) 32عامًا اسم مستعار لأحد عمال النظافة في مدينة إدلب، يروي أحد جيرانه: ” خالد كان يعمل بطلاء البيوت قبل الحرب، لكنه وبسبب النزوح المتكرر وحاجته للمال لجأ للعمل في مجال النظافة، لأنه يحمل مسؤولية أسرة مكونة من 3 فتيات ووالدٍ عجوزٍ، لا يخجل خالد من عمله في جمع القمامة وتنظيف الشوارع، فهو يجني ماله بالحلال على الرغم من نظرة الاستخفاف من البعض له، والأجر القليل الذي يتقاضاه لقاء عمله الشاق لساعات طويلة”.
على ما يبدو أنَّ الحرب غيّرتْ وجهة نظر الكثيرين في عمال النظافة، فهم يقومون بإزالة مخلفات الحرب والقمامة التي باتت عبئًا على السكان في ظل نقص الإمكانيات والخوف من بقايا الصواريخ والبراميل التي تلقيها طائرات الموت، لذلك بات “خالد” يحظى بمحبة واحترام معظم أهالي الحي، فهو يعمل للحفاظ على بيئة آمنة وجميلة ونظيفة بعد أن شوهت الحرب معالمها.
تدرك الدول المتقدمة أهمية النظافة ودورها في الحضارة، لذلك يتقاضى عامل النظافة مبالغ خيالية ما يتراوح بين 4000 و8000 دولار شهريًا، بينما في الدول العربية لا يكاد يصل إلى 70 دولارا، وهو مبلغ لا يوازي التعب والعمل الشاق الذي يقوم عامل النظافة، فمعظم العرب لا تعجبهم هذه المهنة وينظرون إليها بعين الاستخفاف، لكنها في الواقع مهنة شاقة ولا غنى عنها.