سلوى عبد الرحمن
المشاركة في السياسة حقٌّ من حقوق الإنسان التي تُمكّن الشباب من المساهمة في عملية تنمية وبناء الوطن كونهم الشريحة الأكثر نشاطا فيه وأداة تطوره، إذ يمتلك الشباب السوري وعيًا سياسيًا بأهمية هذه المشاركة، لكنَّه غير فاعل بسبب وجود عوائق كثيرة تحول دون تفعيل تلك المشاركة قبل الثورة وبعدها.
أبرز المعوقات هي الشعور بالعجز، وعدم القدرة على التغيير، والسعي لبناء الذات والشعور بالتهميش، إضافة لاعتماد المناهج التربوية على سياسة التلقين والحفظ بما في ذلك مضمون المقررات المدرسية، ففي عهد حافظ الأسد الأب والابن تتضمن المناهج المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة مقررات تهدف بمعظمها لتعبئة الجيل بإيدلوجية حزب البعث الحاكم وسيطرة القيم السلبية على فكر الشباب، كالتربية القومية والعسكرية، فأصبح معظمهم بلا ملامح سياسية، وإن وجد فبشكل محدد ومرسوم من قبل النظام.
حتى الإعلام السوري كان يقتصر على حشد البرامج والأفكار لصالح السلطة وقائد الوطن والحزب الحاكم، وجميعها تحمل رسائل للمتابعين هدفها أداء الواجب وطاعة الوطن والقائد، فكل شيء تحت الرصد والمتابعة ابتداء بطلائع البعث وانتهاء باتحاد الطلبة، في حين قفز العالم بالمناهج ووسائل الإعلام من خلال الفضائيات والإنترنت لتوسيع دائرة معرفة الشباب.
الحرية السياسة للسوريين أمر لا مجال للخوض فيه مطلقًا في عهد حافظ الأسد خاصة بعد المجازر التي ارتكبها بحق الآلاف من الشباب بحجة انتمائهم لحزب الإخوان المسلمين، ولذلك لا يوجد في سوريا أحزاب معارضة معترف بها عدا بضعة تنظيمات سياسية عملت سرا وأخرى عملت في الخارج، بعد وفاة حافظ الأسد بدأ السوريون بتشكيل تنظيمات معارضة أبرزها حزب التجمع الديمقراطي الذي قرر العمل علنا قبل وفاة حافظ الأسد بقليل.
فمنذ بداية الثورة بدأ معظم الشباب يدرك مدى الجهل السياسي الذي ترعرعوا عليه، فغالبيتهم لا يكاد يعرف شيئا عن الدستور الذي يعتبره النظام ككتاب منزل إضافة لجهلهم القوانين والسياسة إلا ما تعملوه في مدارس البعث، لذلك ظهرت بعض التيارات السياسية التي حاولت استقطاب الشباب خلال سنوات الحرب في ظل التطورات والتغيرات السياسية وازدياد عدد الأطراف المشاركة في الأزمة السورية، ومعظمها لعب دورا سياسيًا سلبيًا في حياة السوريين، الأمر الذي حدَّ من مشاركتهم وانتماءاتهم.
اعتُبر الائتلاف الوطني المعارض في تركيا ليس سوى اختزال للأحزاب والتنظيمات السياسية الشبابية التي لم يُكتب لبعضها أن تُبصر النور، حيث يضم الائتلاف شخصيات سياسية معارضة معظمهم بأعمار متقدمة، كانت تعمل سابقا مع أحزاب وتنظيمات سرًا وعلنًا كميشيل كيلو، برهان غليون، سهير الأتاسي، رياض سيف، هيثم المالح، كمال اللبواني، فواز تللو، وحبيب صالح، كل فرد له مصلحته وأهدافه الخاصة ويجمعهم هدف واحد هو استلام السلطة في حال سقوط الأسد.
بدون تدريب مسبق على مهارات الإعلام السياسي، خلقت الحرب الكثير من الناشطين الإعلاميين، وتحول بعضهم لاحقا إلى محللين سياسيين ظهروا على الساحة السورية، ويرجع ذلك إلى متابعة الأخبار والأحداث بأدق تفاصيلها بشكل دائم، ونقل الأحداث على الرغم من الصعوبات التي تواجههم، ويمكننا القول: إنَّ الشباب قد أبدعوا في الإعلام الحربي أكثر من السياسي.
عانى الشباب السوري خلال فترة حكم الأسدين من محاولات إبعادهم عن السياسة، وحتى بعد الثورة كانت هناك أجندة خارجية وداخلية تعمل على إفشال الثورة سياسيًا وعسكريًا، وكثير من التنظيمات والتيارات حاولت استغلالهم وابتلاعهم وتحويل الثورة إلى مشروع جهادي لا طاقة للشباب به ويمكننا القول: إنَّ الشباب السوري ظنَّ أنَّ الثورة بارقة أمل لممارسة حرياته السياسية، بل وكانت السبب في تحول اتجاهات الشباب من الوعي السياسي إلى صراعات مختلفة، وهذا ما أطال عمر الحرب السورية.
والسؤال هو: في الوقت الذي يجتمع فيه أعضاء وفد المعارضة (الممثلين الوحيدين للمشاركة السياسية) بجنيف4 لإجراء مباحثات لإيجاد حلٍّ للأزمة والانتقال السياسي، هل سيتم رسم دستور جديد للسوريين غير الدستور الذي خطته روسيا؟ وهل سيتم إبعاد الأسد عن السلطة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟ أم أنَّ حلَّ الأزمة السورية لن ينتهي إذا لم يمر عبر موسكو كما صرَّح بوتين سابقًا؟!
1 تعليق
محمد البدوي
رأسُ هرم التابو الثلاثي هو السياسة ..