لينا العطار |
يبدو رقماً كبيراً للغاية بالنسبة لنا، ومخيفاً أيضاً، لأنه وبينما نحن في عام 2018 والبعض مازال في سنته الجامعية الأولى ويحتاج إلى أربع سنوات كي يتخرج، سيكون المستقبل بالنسبة له ضبابياً وغير واضح على الإطلاق، ماذا لو كان التخصص الذي يدرسه الطالب (س) من ضمن الوظائف التي ستختفي لاحقاً؟..إذا لن يكون لدراسته الجامعية أية قيمة وسيكون مصير الشهادة الجامعية التعليق على حائط الصالون بأحسن الأحوال ويقضي وقته وهو يبحث عن عمل آخر ويتعمل مهارات جديدة.
ومن الملاحظ للجميع أن الوظائف الحالي تعتمد على مهارات عقلية وعملية أكثر من اعتمادها على الشهادة الجامعية، وأنا أعمل حالياً في عمل لا يمت لدراستي الجامعية بأية صلة، لكن في الوقت الحالي كان لمهارات أخرى فائدة أكبر من الفائدة التي عادت عليّ بها الشهادة الجامعية.
انقعوها واشربوا ميتها!..
هل هذا سيكون مصير الشهادات التي ستصدر خلال السنوات القادمة؟ أم أن سيكون لها فائدة أخرى..بعيداً عن أنها ديكور جميل في الصالونات، وأنها مصدر للفخر بالنسبة لمكتسبها ويستطيع على الأقل مهما انعدمت مهاراته وخبراته العملية أن يكتب في سيرته الذاتية في النهاية: (بكالوريوس من الجامعة الفلانية) ويقدمها بثقة حتى لو تم رفضه..
ومن الملاحظ أن كل ما في العالم يتجه للتركيز على الشكل الخارجي للأشخاص مع ازدياد عدد منتجات التجميل والتهافت على العمليات التي في أغلبها تقلب الإنسان لقرد وتعيده لأصله لو صدقت النظرية، وانتشار الماركات العالمية والتقليدية والشعبية للملابس وفي زمن أصبح فيه (مدونة الموضة) أو عارضة الأزياء أكثر أهمية من عالم ومعلّم أو مهندس..كل هذا يجعل الشهادة الجامعية مجرد إكمال للبريستيج الخاص بأي شخص دون الحصول على أي فائدة عملية منها.
حين تكون مدونة موضة أو تغذية، أومدرب له آلاف المتابعين على صفحته فلن يسأله أحد ما هو التخصص الذي درسته، وربما بعد سنوات سيكون من السهل الحصول على شهادات مزيفة لدراسة جامعية كما هي للمهارات الأخرى مثل إدارة الاعمال والتغذية.
هذا يعني أن المراكز والمؤسسات المزيفة ستكون البديل الذي يتجه إليه الطلاب للحصول على شهادة في وقت قصير دون اختبارات ومآسي الامتحان التي يمر بها الطالب، ثم إن كان مهتماً يمكنه أن يقرأ بضعة مقالات أو يتصفح بعض الكتب التي ستعطيه المعلومات التي يريدها في أي مجال، وربما وهذا الاحتمال الأغلب أنه سيسأل غوغل ويحصل على إجابة لا أحد يعلم مصداقيتها.
مستقبل الجامعات القاتم..إلا لو..
تتجه الجامعات الأوروبية والجامعات التي تحترم نفسها إلى تحديث مناهجها باستمرار، جامعة أكسفورد تحتوي على نسخة من أي كتاب يخطر لك في العالم، ومالم تجد عنواناً ما فيها يمكنك أن تطلبه وسترسل الإدارة في طلبه وتحصل عليه، بالمقابل تجد في بعض الجامعات العربية مازالت المناهج العلمية نفسها منذ ثمانينات القرن الماضي، والعلم يثبت وينفي جديداً كل يوم!.
إضافة إلى طريقة التعليم التقليدية التي مازالت المدارس وأغلب الجامعات تنتهجها والأسوأ من ذلك أن عقول المدرسين مازالت متمسكة بها وتأبى التغيير، وهي طريقة أثبتت فائدتها ونجاحها منذ خمسين سنة حيث كانت الجامعات العربية هي مقصد الطلاب الأوروبيين، أما الآن فلم تعد هذه الطريقة مفيدة حتى للطالب الذي يستهلك قواه النفسية والعقلية والجسدية كي يتخرج منها ويحصل على معدّل عال على أمل الحصول على منحة للسفر، ليكتشف هناك أن كل ما تعلمه من معارف يحتاج إلى إعادة تنسيق وعمل تحديث كامل لها خصوصاً العلمية منها والطبية.
عدا عن المشكلة التي يعاني منها جميع الطلبة وهي اللغة الانكليزية والتي يحتاجون إلى وقت إضافي كي يتقنوها ليستطيعوا مواكبة العلوم الحديثة والتقدم للدراسات العليا في الجامعات المرموقة، وفي نهاية الأمر يتخرجون دون أي مهارة عملية تكون قادرة على إدخالهم سوق العمل بثقة..
فما هي فائدة الدراسة الجامعية؟
إذا كانت خلاصة ما قلناه أن الشهادة الجامعية قد تنعدم قيمتها بعد سنوات، فلماذا على الطالب إذاً أن يدرس ويتخرج من الجامعة؟..سؤال من حق أي طالب أن يسأله..والإجابة ستكمن عنده شخصياً.
الاعتراض ولوم المناهج والأساليب التعليمية لن يفيد وقد لا يغير شيئاً بسبب الظروف الكثيرة التي تحكم التعليم في الوطن العربي، لذلك سيتحمل الطالب كامل المسؤولية في الاستفادة من دراسته الجامعية والخروج منها بفائدة دون أن يحتاج إلى أن يجد نفسه في لحظة ما وأحدهم يقول له: (انقعها واشرب ميتها) أو تجدي نفسكِ وإحدى الطنطات تقول لك (روحي علقيها في المطبخ).
المعدل ليس مهماً خصوصاً في المراحل الدراسية الاولى في المدرسة:
نعم، ليس من الضروري أن تحصل على 100% دائماً..حتى لو كانت كلية الطب هي حلمك، ستعرف أن هذه الدرجات والمعدلات هي أكبر كذبة عشناها في حياتنا.
احرص على الحصول على المعارف المهمة التي يمكنك الاستفادة منها لاحقاً من المناهج الدراسية من خلال اتباع طرق المذاكرة الفعالة التي تحدثنا عنها كثيراً هنا، وسأضمن لك نجاحاً وفهماً ومعدلاً جيداً، قد لا تحصل على المعدل الممتاز، لكن بالتأكيد لن ترسب وستكون أكثر فهماً وقدرة على التذكر.
كليات القمة الكذبة الكبرى الثانية التي تربينا عليها والتي على ما أعتقد بدأت تخفت شيئاً فشيئاً فليس طالب الطب أذكى من غيره والتقني خريج المعهد المتوسط ليس غبياً، هذه مفاهيم بدأ المجتمع بالتخلص منها، لكنها تحتاج لبعض الوقت لتنقرض تماماً فلا تسمحوا لأحد أن يخبركم هذا ويضحك عليكم.
يمكنكم دراسة ما تحبون بعيداً عن الجامعة:
أيضاً تحدثنا كثيراً عن الدراسة عن بعد والكورسات عبر الانترنت التي يمكنكم من خلالها تعلم أي شيء تحبونه ولديكم فضول لمعرفته بعيداً عن دراستكم وتخصصكم الجامعي.
الدخول لسوق العمل مبكراً:
لا تنتظر التخرج، أو انتهاء فترة التجنيد لتبدأ بالعمل، هناك الكثير من المهارات التي سيفيدكم تعلمها إن بدأتم بالعمل مبكراً واستغليتم فترة العطلة باستمرار لاكتساب مهارة جديدة مختلفة، أو يمكنكم التدرب على مهنة المستقبل والخروج من الجامعة بشهادة وخبرة عملية تؤهلكم للعمل فوراً في مكان مرموق.
المصدر : أراجيك